قوله عز وجل: { وَٱقْتَرَبَ ٱلْوَعْدُ ٱلْحَقُّ }، يعني القيامة، قال الفراء وجماعة: الواو في قوله واقترب مقحمة فمعناه حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج اقترب الوعد الحق، كما قال الله تعالى:
{ { فَلَمَّآ أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِين وَنَادَيْنَاهُ } [الصافات: 103] أي ناديناه. والدليل عليه ما روى عن حذيفة قال: لو أن رجلاً اقتنى فلواً بعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتى تقوم الساعة. وقال قوم: لا يجوز طرح الواو، وجعلوا جواب حتى إذا فتحت في قوله ياويلنا، فيكون مجاز الآية. حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج واقترب الوعد الحق، قالوا: يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا. قوله: { فَإِذا هِيَ شَٰخِصَةٌ أَبصَٰرُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ }، وفي قوله: "هى" ثلاثة أوجه:
أحدها: أنها كناية عن الإِبصار. ثم أظهر الإِبصار بياناً، معناه فإذا الأبصار شاخصة أبصار الذين كفروا.
والثاني: أنّ "هى" تكون عماداً كقوله:
{ فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَـٰرُ } [الحج: 46].
والثالث: أن يكون تمام الكلام عند قوله: "هى"، على معنى فإذا هي بارزة يعني من قربها كأنها حاضرة، ثم ابتدأ: { شَـٰخِصَةٌ أَبْصَـٰرُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ }، على تقديم الخبر على الابتداء، مجازها أبصار الذين كفروا شاخصة. قال الكلبي: شخصت أبصار الكفار فلا تكاد تطرف من شدة تلك ذلك اليوم وهوله، يقولون، { يَٰوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِى غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا }، اليوم، { بَلْ كُنَّا ظَـٰلِمِينَ }، بوضعنا العبادة في غير موضعها.