{ قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ }، أي: عن قليل، و"ما" صلة، { لَّيُصْبِحُنَّ }، ليصيرن، { نَـٰدِمِينَ }، على كفرهم وتكذيبهم.
{ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ }، يعني صيحة العذاب، { بِٱلْحَقِّ }، قيل: أراد بالصيحة الهلاك. وقيل: صاح بهم جبريل صيحة فتصدعت قلوبهم، { فَجَعَلْنَـٰهُمْ غُثَآءً }، وهو ما يحمله السيل من حشيش وعيدان شجر، معناه: صيرناهم هلكَى فيبسوا يبس الغثاء من نبات الأرض، { فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ }.
{ ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً ءَاخَرِينَ }، أي: أقواماً آخرين.
{ مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا }، أي: ما تسبق أمة أجلها، أي: وقت هلاكها، { وَمَا يَسْتَـأْخِرُونَ }، وما يتأخرون عن وقت هلاكهم.
{ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا }، أي: مترادفين يتبع بعضهم بعضاً غير متواصلين، لأن بين كل نبيين زماناً طويلاً، وهي فعلى من المواترة، قال الأصمعي: يقال واترت الخبر أي أَتْبعت بعضَه بعضاً، وبين الخبرين هنيهة.
واختلف القراء فيه، فقرأ أبو جعفر، وابن كثير، وأبو عمروٍ: بالتنوين، ويقفون بالألف، ولا يميله أبو عمرو، وفي الوقف فيها كالألف في قولهم: رأيت زيداً، وقرأ الباقون بلا تنوين، والوقف عندهم يكون بالياء، ويميله حمزة والكسائي، وهو مثل قولهم: غضبَى وسكرَى، وهو اسم جمع مثل شتى، وعلى القراءتين التاء الأولى بدل من الواو، وأصله: "وترى" من المواترة والتواتر، فجعلت الواو تاء، مثل: التقوى والتكلان.
{ كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضاً }، بالهلاك، أي: أهلكنا بعضهم في إثر بعض، { وَجَعَلْنَـٰهُمْ أَحَادِيثَ }، أي: سَمَراً وقصصاً، يتحدث مَنْ بعدَهم بأمرهم وشأنهم، وهي جمع أُحدوثة. وقيل: جمع حديث. قال الأخفش: إنما هذا في الشر، وأما في الخير فلا يقال جعلتهم أحاديث وأحدوثة، وإنما يقال صار فلان حديثاً، { فَبُعْداً لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ }.