{ أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ }، جنون، وليس كذلك، { بَلْ جَآءَهُم بِٱلْحَقِّ }، يعني بالصدق والقول الذي لا تخفى صحتُه وحسنُه على عاقل، { وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَـٰرِهُونَ }.
{ وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلْحَقُّ أَهْوَآءَهُمْ }، قال ابن جريج ومقاتل والسدي وجماعة: "الحق" هو الله، أي: لو اتبع الله مرادهم فيما يفعل، وقيل: لو اتبع مرادهم، فسمى لنفسه شريكاً وولداً كما يقولون: { لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَـٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ }، وقال الفراء والزجاج: والمراد بالحق القرآن أي: لو نزل القرآن بما يحبون من جعل الشريك والولد على ما يعتقدونه { لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَـٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ }، وهو كقوله تعالى:
{ لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا } [الأنبياء: 22].
{ بَلْ أَتَيْنَـٰهُم بِذِكْرِهِمْ }، بما يذكرهم، قال ابن عباس: أي بما فيه فخرُهم وشرفُهم يعني القرآن، فهو كقوله تعالى:
{ لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَـٰباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ } [الأنبياء: 10]، أي: شرفكم، { { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } [الزخرف: 44]، أي: شرف لك ولقومك. { فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ }، يعني عن شرفهم، { مُّعْرِضُونَ }.
{ أَمْ تَسْئَلُهُمْ }، على ما جئتهم به، { خَرْجاً }، أجراً وجُعْلاً، { فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ }، أي: ما يعطيك الله من رزقه وثوابه خير، { وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّٰزِقِينَ }، قرأ حمزة والكسائي: "خراجاً"فخراج" كلاهما بالألف، وقرأ ابن عامر كلاهما بغير ألف وقرأ الآخرون: "خرجاً" بغير ألف "فخراج" بالألف.
{ وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ }، وهو الإِسلام.
{ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَٰطِ }، أي: عن دين الحق، { لَنَـٰكِبُونَ }، لعادلون مائلون.