خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلإِثْمِ وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ
١١
-النور

معالم التنزيل

قوله عزّ وجلّ: { إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ } الآيات، سبب نزول هذه الآية ما أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله، أخبرنا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب قال: حدثني عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وعلقمة بن وقاص، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لها أهل الإِفك ما قالوا، وكلهم حدثني طائفةً من حديثها، وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض وأثبتَ له اقتصاصاً، وقد وعيت عن كل رجل منهم الحديثَ الذي حدثني عن عائشة، وبعضُ حديثهم يُصدّق بعضاً.

قالوا: قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين أزواجه وأيهنّ خرج سهمها خرج بها النبي صلى الله عليه وسلم معه، قالت عائشة فأقرع بيننا في غزوة غزاها، فخرج فيها سهمي، فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أُنزل الحجاب، فكنت أُحمل في هودج وأُنزل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك، وقفل ودنونا من المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي فلمست صدري فإذا عِقْدٌ لي من جزع ظفار قد انقطع فرجعت، فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه. قالت: وأقبل الرَّهطُ الذين كانوا يرحلون بي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب عليه وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافاً لم يهبلَن ولم يغشهن اللحم إنما يأكلن العُلْقَةَ من الطعام، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وحملوه، وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل وساروا، ووجدت عقدي بعدما استمر الجيش، فجئت منازلهم وليس بها منهم داعٍ ولا مجيب، فتيممت منزلي الذي كنت فيه وظننت أنهم سيفقدونني فيرجعون إلي، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطَّل السُّلَمي ثم الذَّكْواني من وراء الجيش فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني وكان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني،فخمرت وجهي بجلبابي، ووالله ما تكلمنا بكلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته فوطىء على يدها، فقمت إليها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش موغرين في نحر الظهيرة وهم نزول.

قالت: فهلك من هلك، وكان الذي تولى كبر الإِفك عبد الله بن أُبيّ بن سلول، قال عروة أُخبرت أنه كان يشاع ويتحدث به عنده فيقره ويستمعه ويستوشيه.

وقال عروة أيضاً: لم يسم من أهل الإِفك أيضاً إلا حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش في ناس آخرين لا علم لي بهم غير أنهم عصبة، كما قال الله تعالى: { وَٱلَّذِى تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ } قال: عبد الله بن أُبي بن سلول، قال عروة: كانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان، وتقول: إنه الذي قال:

فإنَّ أَبِي ووالدَتِي وعِرضي لِعِرْضِ محمدٍ منكم وِقَاءُ

قالت عائشة: فقدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمت شهراً، والناس يفيضون في قول أصحاب الإِفك لا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي إني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلِّم ثم يقول: "كيف تيكم" ؟ ثم ينصرف، ذلك الذي يريبني ولا أشعر بالشر حتى خرجت حين نقهت، فخرجت مع أم مِسطح قِبَل المناصعِ وكان متبرزنا، وكنا لا نخرج إلا ليلاً إلى ليل، وذلك قبل أن نتخذ الكُنف قريباً من بيوتنا، وأمْرُنا أمر العرب الأول في التبرُّز قبل الغائط، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا.

قالت: فانطلقت، أنا وأم مِسطح ـ وهي ابنة أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكرالصديق، وابنها مسطح بن أُثاثة بن عباد بن المطلب، فأقبلت أنا وأم مِسطح قِبَل بيتي حين فرغنا من شأننا، فعثرتْ أمُ مِسطح في مِرْطها، فقالت: تعسَ مسطح، فقلت لها: بئس ما قلت أتسبين رجلاً شهد بدراً؟ فقالت: أي هَنْتاه أوَ لم تستمعي ما قال؟ قالت فقلت: وما قال؟ فأخبرتني بقول أهل الإِفك، قالت فازددت مرضاً على مرضي، فلما رجعت إلى بيتي دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: "كيف تيكم" ؟ فقلت له: أتأذن لي أن آتي أبويّ؟ قالت وأنا أريد أن أستيقن الخبر من قِبَلِهما، قالت فأذِن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت لأمي: يا أُمَّتَاه ماذا يتحدث الناس؟ قالت: يا بنية هوِّني عليك فوالله لقلَّ ما كانت امرأة قط رَضيّة عند رجل يحبها لها ضرائر إلا أكثرن عليها. قالت فقلت: سبحان الله أوَ لقد تحدث الناس بهذا؟ قالت: فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، ثم أصبحت أبكي.

قالت: ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يسألهما ويستشيرهما في فراق أهله، فأما أسامة فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه، فقال أسامة: أهلك ولا نعلم إلا خيراً، وأما علي فقال: يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير، وسلِ الجارية تصدقك، قالت: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بَرِيْرَةَ، فقال: "أيْ بريرة هل رأيت من شيء يريبك" ؟ قالت له بريرة: والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمراً قط أغمضُه أكثر من أنها جارية حديثة السن، تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله. قالت: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه فاستعذر من يومه فاستعذر من عبد الله بن أُبيّ بن سلول وهو على المنبر، فقال: "يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني عنه أذاه في أهلي، والله ما علمت على أهلي إلاّ خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلاّ خيراً وما يدخل على أهلي إلا معي" ، قالت: فقام سعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل، فقال: أنا يا رسول الله أعذرك فإن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك، قالت: وقام رجل من الخزرج وكانت أم حسان بنت عمه من فخذه وهو سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج، قالت عائشة: وكان قبل ذلك رجلاً صالحاً ولكن احتملته الحمية فقال لسعد: كذبتَ لعَمْر الله لا تقتلته ولا تقدر على قتله، ولو كان من رهطك ما أحببتَ أن يقتل، فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد وقال لسعد بن عبادة: فقال: كذبت لعمر الله لنقتلنّه فإنّك منافق تجادل عن المنافقين، قالت: فثار الحيّان الأوسُ والخزرج حتى همّوا أن يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر، قالت: فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت.

قالت: فبكيت يومي ذلك كله لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، قالت وأصبح أبواي عندي، وقد بكيت ليلتين ويوماً لا أكتحل بنوم، ولا يرقأ لي دمع حتى إني لأظنُّ أن البكاء فالق كبدي فبينا أبواي جالسان عندي، وأنا أبكي فاستأذنتْ عليّ امرأة من الأنصار فأذنتُ لها، فجلست تبكي معي.

قالت: فبينا نحن على ذلك دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فسلم ثم جلس، قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها، وقد لبث شهراً لا يُوحى إليه في شأني بشيء، قالت: فتشهد رسول الله عليه وسلم حين جلس ثم قال: "أما بعد يا عائشة إنه بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت برئية فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف ثم تاب تاب الله عليه" .

قالت: فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته فاض دمعي حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، فقال أبي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت لأمي: أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، قالت أمي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله، فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ من القرآن كثيراً: إني والله لقد علمت ولقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم إني برئية لا تصدقوني، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم إني بريئة لتصدقني، فوالله لا أجد لي ولكم مثلاً إلا أبا يوسف حين قال: { { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ } [يوسف: 18]، ثم تحولت واضطجعت على فراشي وأنا أعلم والله يعلم إني حينئذٍ بريئة، وإن الله مبرئي ببراءتي ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحياً يتلى، لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيَّ بأمر، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله في النوم رؤيا يبرئني الله بها، فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أُنزل عليه الوحي فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى إنه ليتحدر منه العرق مثل الجمان، وهو في يوم شاتٍ، من ثقل القول الذي أنزل عليه، قالت: فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك فكانت أول كلمة تكلم بها أن قال: "يا عائشة أما والله فقد برأك الله" ، قالت: فقالت لي أمي: قومي إليه فقلت: والله لا أقوم إليه فإني لا أحمد إلا الله قالت: وأنزل الله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ } العشر الآيات، فما أنزل الله في براءتي قال أبو بكر الصديق، وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره: والله لا أنفق على مسطح شيئاً أبداً بعد الذي قال لعائشة ما قال، فأنزل الله: { وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ } إلى قوله: { غَفُورٌ رَّحِيمٌ }، قال أبو بكر الصديق: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجّع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبداً.

قالت عائشة: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش عن أمري فقال لزينب: "ماذا علمت أو رأيت" ؟ فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت إلا خيراً، قالت عائشة، وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع، قالت: وطفقت أختها حمنة تحارب لها فهلكت فيمن هلك.

قال ابن شهاب: فهذا الذي بلغني من حديث هؤلاء الرهط، قالت عائشة: والله إن الرجل الذي قيل له ما قيل ليقول: سبحان الله فوالذي نفسي بيده ما كشفت عن كنف أنثى قط. قالت: ثم قتل بعد ذلك في سبيل الله.

ورواه محمد بن إسماعيل عن يحيى بن بكير، أخبرنا الليث عن يونس عن ابن شهاب بإسناد مثله، وقال: وإنْ كنتِ ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه، إلى قوله: فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإِفك.

ورواه أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ولقد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي فسأل عني خادمتي، فقالت: لا والله ما علمت عليها عيباً إلا أنها كانت ترقد حتى تدخل الشاة فتأكل خميرها أو عجينها، فانتهرها بعض أصحابه، فقال: اصدقي رسول الله حتى أسقطوا لها بهِ، فقالت: سبحان الله والله ما علمت عليها إلا ما يعلم الصائغ على تبر الذهب الأحمر، وفيه قالت: وأُنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرُفع عنه وإني لأتبين السرور في وجهه وهو يمسح جبينه، ويقول: أبشري يا عائشة فقد أنزل الله براءتك، فقال لي أبواي: قومي إليه، فقلت: لا والله لا أقوم إليه، ولا أحمده ولا أحمد أحداً، ولكن أحمد الله الذي أنزل براءتي، لقد سمعتموه فما أنكرتموه ولا غيرتموه.

أما تفسير قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ } بالكذب، والإِفكُ أسوأ الكذب، سُمي إفكاً لكونه مصروفاً عن الحق، من قولهم: أفك الشيء إذا قلبه عن وجهه، وذلك أن عائشة كانت تستحق الثناء لما كانت عليه من الحصانة والشرف فمن رماها بالسوء قلب الأمر عن وجهه، { عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ } أي: جماعة منهم عبد الله بن أبيّ بن سلول، ومسطح بن أثاثة، وحسان بن ثابت، وحمنة بنت جحش، زوجة طلحة بن عبيد الله، وغيرهم، { لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ }، يا عائشة ويا صفوان، وقيل: هو خطاب لعائشة ولأبويها وللنبي صلى الله عليه وسلم ولصفوان، يعني: لا تحسبوا الإِفك شراً لكم، { بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ }، لأن الله يأجركم على ذلك ويظهر براءتكم.

{ لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ }، يعني من العصبة الكاذبة { مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلإِثْمِ }، أي: جزاء ما اجترح من الذنب على قدر ما خاض فيه، { وَٱلَّذِى تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ }، أي: تحمل معظمه فبدأ بالخوض فيه، قرأ يعقوب «كبره» بضم الكاف، وقرأ العامة بالكسر، قال الكسائي: هما لغتان. وقال الضحاك: قام بإشاعة الحديث، وهو عبد الله بن أُبيّ بن سلول.

وروى الزهري عن عروة عن عائشة { وَٱلَّذِى تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ } قالت: عبد الله بن أُبيّ بن سلول، والعذاب الأليم هو النار في الآخرة.

وقد روى ابن أبي مُليكة عن عروة عن عائشة في حديث الإِفك قالت: ثم ركبت وأخذ صفوان بالزمام فمررنا بملأ من المنافقين، وكانت عادتهم أن ينزلوا منتبذين من الناس، فقال عبد الله بن أبيّ، رئيسُهم: مَنْ هذه؟ قالوا: عائشة قال: والله ما نَجَتْ منه وما نجا منها، وقال: امرأةُ نبيكم باتت مع رجل حتى أصبحت ثم جاء يقود بها. وشرع في ذلك أيضاً حسان، ومسطح، وحمنة، فهم الذين تولوا كبره.

وقال قوم: هو حسان بن ثابت.

أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا بشر بن خالد، أحبرنا محمد بن جعفر عن شعبة عن سليمان عن أبي الضحاك عن مسروق قال: دخلت على عائشة وعندها حسان بن ثابت ينشد شعراً يشبب بأبيات له، وقال::

حصانٌ رَزانُ ما تُزَنُّ بِرِيْبَةٍ وتُصبحُ غَرْثى من لُحومِ الغوافِلِ

فقالت له عائشة: لكنك لست كذلك، قال مسروق فقلت لها: لِمَ تأذنين له أن يدخل عليك وقد قال الله تعالى: { وَٱلَّذِى تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }؟ قالت: وأي عذاب أشد من العمى، وقالت: إنه كان ينافح أو يهاجي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالذين رَمَوْا عائشة فجُلِدُوا الحدَّ جميعاً ثمانين ثمانين.