خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً
٧٥
خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً
٧٦
قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً
٧٧
-الفرقان

معالم التنزيل

{ أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ } يعني يثابون، { ٱلْغُرْفَةَ }، أي: الدرجة الرفيعة في الجنة، و"الغرفة" كل بناء مرتفع عالٍ. وقال عطاء: يريد غرف الدر والزبرجد والياقوت في الجنة، { بِمَا صَبَرُواْ }، على أمر الله تعالى وطاعته. وقيل: على أذى المشركين. وقيل: عن الشهوات { وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا }، قرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر: بفتح الياء وتخفيف القاف، كما قال: { فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً } [مريم: 59]، وقرأ الآخرون بضم الياء وتشديد القاف كما قال: { وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً } [الإِنسان: 11]، وقوله: { تَحِيَّةً }، أي مُلْكاً، وقيل بقاءً دائماً، { وَسَلَـٰماً } أي: يسلم بعضهم على بعض. وقال الكلبي: يحيي بعضهم بعضاً بالسلام، ويرسل الرب إليهم بالسَّلام. وقيل: "سلاماً" أي: سلامة من الآفات.

{ خَـٰلِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً }، أي: موضع قرار وإقامة.

{ قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّى }، قال مجاهد وابن زيد: أي: ما يصنع وما يفعل بكم. قال أبو عبيدة يقال: ما عبأت به شيئاً أي: لم أعدّه، فوجوده وعدمه سواء، مجازه: أيّ وزن وأيّ مقدار لكم عنده، { لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ } إيّاه، وقيل: لولا إيمانكم، وقيل: لولا عبادتكم، وقيل: لولا دعاؤه إيّاكم إلى الإِسلام، فإذا آمنتم ظهر لكم قدر.

وقال قوم: معناه: قلْ ما يعبأ بخلقكم ربي لولا عبادتكم وطاعتكم إيّاه يعني إنه خلقكم لعبادته، كما قال: { { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات: 56]. وهذا قول ابن عباس ومجاهد. وقال قوم: "قلْ ما يعبأ" ما يبالي بمغفرتكم لولا دعاؤكم معه آلهة، أو ما يفعل بعذابكم لولا شرككم، كما قال الله تعالى: { { مَّا يَفْعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَءَامَنْتُمْ } [النساء: 147] وقيل: ما يعبأ بعذابكم لولا دعاؤكم إيّاه في الشدائد، كما قال: { { فَإِذَا رَكِبُواْ فِى ٱلْفُلْكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ } [العنبكوت: 65]، وقال: { { فَأَخَذْنَـٰهُمْ بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ } [الأنعام: 42].

وقيل: { قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّى لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ } يقول: ما خلقتكم ولي إليكم حاجة إلاّ أن تسألوني فأعطيكم وتستغفروني فأغفر لكم.

{ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ }، أيها الكافرون، يخاطب أهل مكة، يعني: إن الله دعاكم بالرسول إلى توحيده وعبادته فقد كذبتم الرسول ولم تجيبوه. { فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً }، هذا تهديد لهم، أي يكون تكذيبكم لزاماً، قال ابن عباس: موتاً. وقال أبو عبيدة: هلاكاً. وقال ابن زيد: قتالاً. والمعنى: يكون التكذيب لازماً لمن كذب، فلا يعطى التوبة حتى يجازى بعمله. وقال ابن جرير: عذاباً دائماً لازماً وهلاكاً مقيماً يلحق بعضكم ببعض.

واختلفوا فيه فقال قوم: هو يوم بدر قتل منهم سبعون وأسر سبعون. وهو قول عبد الله بن مسعود وأُبيّ بن كعب ومجاهد ومقاتل، يعني: أنهم قتلوا يوم بدر واتصل بهم عذاب الآخرة، لازماً لهم.

أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا عمر بن حفص بن غياث، أخبرنا أبي، أخبرنا الأعمش، حدثنا مسلم، عن مسروق قال: قال عبد الله: "خمس قد مضين: الدُّخَان، والقمر، والرُّوم، والبَطْشَةُ، واللِّزام" ، { فسوف يكون لزاماً }.

وقيل: اللزام عذاب الآخرة.