{ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ } وعظ وتذكير، { مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ مُحْدَثٍ }، أي: محدث إنزاله، فهو محدث في التنزيل. قال الكلبي: كلما نزل شيء من القرآن بعد شيء فهو أحدث من الأول، { إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ }، أي عن الإِيمان به.
{ فَقَدْ كَذَّبُواْ فَسَيَأْتِيهِمْ } أي: فسوف يأتيهم، { أَنبَاء }، أخبار وعواقب، { مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ }.
{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى ٱلأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ } صنف وضرب، { كَرِيمٍ }، حسن من النبات مما يأكل الناس والأنعام، يقال: نخلة كريمة إذا طاب حملها، وناقة كريمة إذا كثر لبنها. قال الشعبي: الناس من نبات الأرض فمن دخل الجنة فهو كريم، ومن دخل النار فهو لئيم.
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ } الذي ذكرت، { لأَيَةً }، دلالة على وجودي وتوحيدي وكمال قدرتي، { وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ }، مصدِّقين، أي سبق علمي فيهم أن أكثرهم لا يؤمنون. وقال سيبويه: "كان" ههنا صلة, مجازه: وما أكثرهم مؤمنين.
{ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } العزيز بالنقمة من أعدائه، { ٱلرَّحِيمُ }، ذو الرحمة بأوليائه.
قوله عزّ وجلّ: { وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ }، واذكر يا محمد إذ نادى ربك موسى حين رأى الشجرة والنار، { أَنِ ٱئْتَ ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ }، يعني الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعصية، وظلموا بني إسرائيل باستعبادهم وسومهم سوء العذاب.