خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ ٱلظَّالِمُونَ
٤٩
وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَاتُ عِندَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٥٠
أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٥١
قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْبَاطِلِ وَكَفَرُواْ بِٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ
٥٢
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَآءَهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
٥٣
يَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ
٥٤
يَوْمَ يَغْشَاهُمُ ٱلْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيِقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
٥٥
يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَٱعْبُدُونِ
٥٦
-العنكبوت

معالم التنزيل

{ بَلْ هُوَ ءَايَـٰتٌ بَيِّنَـٰتٌ }، قال الحسن: يعني القرآن آيات بينات، { فِى صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ }، يعني المؤمنين الذين حملوا القرآن. وقال ابن عباس رضي الله عنهما، وقتادة: بل هو يعني ـ محمداً صلى الله عليه وسلم ـ ذو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب، لأنهم يجدونه بنعته وصفته في كتبهم، { وَمَا يَجْحَدُ بِـئَايَـٰتِنَآ إِلاَّ ٱلظَّـٰلِمُونَ }.

{ وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ ءايَـٰتٌ مِّن رَّبِّهِ }، كما أنزل على الأنبياء من قبل، قرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر: "آية" على التوحيد، وقرأ الآخرون: "آيات من ربه"، لقوله عزّ وجلّ: { قُلْ إِنَّمَا ٱلأَيَـٰتُ عِندَ ٱللَّهِ }، وهو القادر على إرسالها إذا شاء أرسلها، { وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }، أنذر أهل المعصية بالنار، وليس إنزال الآيات بيدي.

{ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ }، هذا الجواب لقوله: { لولا أنزل عليه آيات من ربه } قال: { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ }، يعني: أولم يكفهم من الآيات القرآن يتلى عليهم، { إِنَّ فِى ذٰلِكَ }، في إنزال القرآن، { لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }، أي: تذكيراً وعظة لمن آمن وعمل به.

{ قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً }، أني رسوله وهذا القرآن كتابه، { يَعْلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ بِٱلْبَـٰطِلِ }، قال ابن عباس: بغير الله. وقال قتادة: بعبادة الشيطان، { وَكَفَرُواْ بِٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ }.

{ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ }، نزلت في النضر بن الحارث حين قال: فأمطر علينا حجارة من السماء، { وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى }، قال ابن عباس: ما وعدتك أني لا أعذب قومك ولا أستأصلهم وأؤخر عذابهم إلى يوم القيامة كما قال: { { بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ } [القمر: 46] وقال الضحاك: مدة أعمارهم, لأنهم إذا ماتوا صاروا إلى العذاب، وقيل: يوم بدر، { لَّجَآءَهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ }، يعني العذاب وقيل الأجل، { بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ }، بإتيانه.

{ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ }، أعاده تأكيداً، { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَـٰفِرِينَ }، جامعة لهم لا يبقى أحد منهم إلا دخلها.

{ يَوْمَ يَغْشَـٰهُمُ ٱلْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ }، يعني: إذا غشيهم العذاب أحاطت بهم جهنم كما قال: { { لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } [الأعراف: 41]، { وَيِقُولُ ذُوقُواْ }، قرأ نافع، وأهل الكوفة: «ويقول» بالياء، أي: ويقول لهم الموكل بعذابهم: وقرأ الآخرون بالنون؛ لأنه لما كان بأمره نسب إليه، { مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }، أي: جزاء ما كنتم تعملون.

{ يـَٰعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِنَّ أَرْضِى وَاسِعَةٌ فَإِيَّاىَ فَٱعْبُدُونِ }، قال مقاتل والكلبي: نزلت في ضعفاء مسلمي مكة، يقول: إن كنتم في ضيق بمكة من إظهار الإِيمان فاخرجوا منها إلى أرض المدينة، إن أرضي ـ يعني المدينة ـ واسعة آمنة.

قال مجاهد: إنّ أرضي المدينة واسعة فهاجروا وجاهدوا فيها.

وقال سعيد بن جبير: إذا عمل في الأرض بالمعاصي فاخرجوا منها فإن أرضي واسعة. وقال عطاء: إذا أُمرتم بالمعاصي فاهربوا فإن أرضي واسعة. وكذلك يجب على كل من كان في بلد يُعمل فيها بالمعاصي ولا يمكنه تغيير ذلك أن يهاجر إلى حيث يتهيأ له العبادة.

وقيل: نزلت في قوم تخلفوا عن الهجرة بمكة، وقالوا: نخشى، إن هاجرنا، من الجوع وضيق المعيشة، فأنزل الله هذه الآية ولم يعذرهم بترك الخروج.

وقال مطرف بن عبد الله: "أرضي واسعة" أي رزقي لكم واسع فاخرجوا.