خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ
١٨٢
ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ ٱلنَّارُ قُلْ قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِٱلْبَيِّنَاتِ وَبِٱلَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
١٨٣
-آل عمران

معالم التنزيل

{ ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ }، فيُعذب بغير ذنب.

قوله تعالى: { ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا } الآية، قال الكلبي: نزلت في كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف ووهب بن يهوذا وزيد بن التابوت وفنحاص بن عازوراء وحيي بن أخطب أتوا النبي صلّى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد تزعم أن الله تعالى بعثك إلينا رسولاً وأنزل عليك الكتاب وأن الله تعالى قد عهد إلينا في التوراة { أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ }، يزعم أنه جاء من عند الله، { حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ ٱلنَّارُ }، فإن جئتنا به صدقناك؛ قال فأنزل الله تعالى: { ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ } أي: سمع الله قول الذين قالوا، ومحل { ٱلَّذِينَ } خفض ردّاً على { ٱلَّذِينَ } الأول، { إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا } أي: أمرنا وأوصانا في كتبه أن لا نؤمن برسول، أي: لا نصدق رسولاً يزعم أنه جاء من عند الله حتى يأتينا بقربان تأكله النار فيكون دليلاً على صدقه، والقربان: كل ما يتقرّب به العبد إلى الله تعالى من نسيكةٍ وصدقةٍ وعملٍ صالح، فُعْلان من القربة، وكانت القرابين والغنائم لا تحل لبني إسرائيل، وكانوا إذا قربوا قرباناً أو غنمُوا غنيمة جاءت نارٌ بيضاء من السماء لا دخان لها، ولها دوي وحفيف، فتأكله وتحرق ذلك القربان وتلك الغنيمة فيكون ذلك علامة القبول، وإذا لم يُقبل بقيت على حالها.

وقال السدي: إنّ الله تعالى أمر بني إسرائيل من جاءكم يزعم أنه رسول الله فلا تصدقوه حتى يأتيكم بقربان تأكله النار حتى يأتيكم المسيح ومحمد، فإذا أتياكم فآمنوا بهما، فإنهما يأتيان بغير قربان، قال الله تعالى إقامة للحجة عليهم، { قُلْ } يا محمد { قَدْ جَآءَكُمْ } يا معشر اليهود { رُسُلٌ مِّن قَبْلِى بِٱلْبَيِّنَـٰتِ وَبِٱلَّذِى قُلْتُمْ }، من القربان { فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ }؟ يعني: زكريا ويحيى وسائر من قتلوا من الأنبياء، وأراد بذلك أسلافهم فخاطبهم بذلك لأنهم رضوا بفعل أسلافهم { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }، معناه تكذيبهم مع علمهم بصدقك، كقتل آبائهم الأنبياء، مع الإِتيان بالقربان والمعجزات، ثم قال معزياً لنبيّه صلّى الله عليه وسلم: { فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ.... }