{ يٰبُنَىَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ }، يعني من الأذى، { إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ }، يريد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر على الأذى فيهما، من الأمور الواجبة التي أمر الله بها، أو من الأمور التي يُعْزم عليها لوجوبها.
{ وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ }، قرأ ابن كثير، وابن عامر، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب: «ولا تصعِّر» بتشديد العين من غير ألف، وقرأ الآخرون: «تصاعر» بالألف، يقال: صعر وجهه وصاعر: إذا مال وأعرض تكبراً، ورجل أصعر: أي: مائل العنق.
قال ابن عباس: يقول: لا تتكبر فتحقِّر الناس وتعرض عنهم بوجهك إذا كلموك.
وقال مجاهد: هو الرجل يكون بينك وبينه إحنة فتلقاه فيعرض عنك بوجهه.
وقال عكرمة: هو الذي إذا سُلِّم عليه لَوَى عنقه تكبراً.
وقال الربيع بن أنس وقتادة: لا تحتقرن الفقراء ليكن الفقير والغني عندك سواء، { وَلاَ تَمْشِ فِى ٱلأَرْضِ مَرَحاً }، خيلاء { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ }، في مشيه { فَخُورٍ }، على الناس.
{ وَٱقْصِدْ فِى مَشْيِكَ }، أي ليكن مشيك قصداً لا تخيلاً ولا إسراعاً. وقال عطاء: امشِ بالوقار والسكينة، كقوله:
{ { يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً } [الفرقان: 63]، { وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ } أنقص من صوتك، وقال مقاتل: اخفض صوتك، { إِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصْوَٰتِ }، أقبح الأصوات، { لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ }، أوله زفير وآخره شهيق، وهما صوتا أهل النار. وقال موسى بن أعين: سمعت سفيان الثوري يقول في قوله: { إِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصْوَٰتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ }، قال: صياح كل شيء تسبيح لله إلا الحمار.
وقال جعفر الصادق في قوله: { إِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصْوَٰتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ } قال: هي العطسة القبيحة المنكرة.
قال وهب: تكلم لقمان باثني عشر ألف باب من الحكمة، أدخلها الناس في كلامهم وقضاياهم وحكمه: قال خالد الربعي: كان لقمان عبداً حبشياً فدفع مولاه إليه شاة وقال: اذبحها وائتني بأطيب مضغتين منها، فأتاه باللسان والقلب، ثم دفع إليه شاة أخرى، وقال: اذبحها وائتني بأخبث مضغتين منها فأتاه باللسان والقلب، فسأله مولاه، فقال: ليس شيء أطيب منهما إذا طابا ولا أخبث منهما إذا خبثا.