{ لِلَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ }.
قوله عزّ وجلّ: { وَلَوْ أَنَّمَا فِى ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ } الآية. قال المفسرون: نزلت بمكة، قوله سبحانه وتعالى:
{ { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ } إلى قوله: { { وَمَآ أُوتِيتُم مِّن ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } [الإسراء: 85]، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أتاه أحبار اليهود فقالوا: يا محمد، بلغنا عنك أنك تقول: "وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً" أفعنيتنا أَمْ قومَك؟ فقال عليه الصلاة والسلام: كُلاًّ قد عنيت، قالوا: ألست تتلوا فيما جاءك أنا أُوتينا التوراة وفيها علم كل شيء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي في علم الله قليل وقد آتاكم الله ما إن علمتم به انتفعتم"، قالوا: يا محمد كيف تزعم هذا وأنت تقول: { { وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْرًا كَثِيرًا } [البقرة: 269]، فكيف يجتمع هذا علم قليل وخير كثير؟ فأنزل هذه الآية. وقال قتادة: إن المشركين قالوا: إن القرآن وما يأتي به محمد يوشك أن ينفد فينقطع، فنزلت: { وَلَوْ أَنَّمَا فِى ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ }، أي: بريت أقلاماً، { وَٱلْبَحْرُ يَمُدُّهُ }، قرأ أبو عمرو ويعقوب: «والبحرَ» بالنصب عطفاً على «ما»، والباقون بالرفع على الاستئناف { يَمُدُّهُ }، أي يزيده، وينصبّ فيه { مِن بَعْدِهِ } من خلفه، { سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ ٱللَّهِ }، وفي الآية اختصار تقديره: ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر يكتب بها كلام الله ما نفدت كلمات الله.
{ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }، وهذه الآية على قول عطاء بن يسار مدنية، وعلى قول غيره مكية، وقالوا: إنما أمر اليهود وفد قريش أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولوا له ذلك وهو بعدُ بمكة، والله أعلم.