خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

الۤـمۤ
١
تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٢
أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ
٣
ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ
٤
يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ
٥
-السجدة

معالم التنزيل

{ الۤـمۤ تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ }, قال مقاتل: لا شك فيه أنه تنزيل من رب العالمين.

{ أَمْ يَقُولُونَ }، بل يقولون { ٱفْتَرَاهُ }، وقيل الميم صلة، أي: أيقولون افتراه؟ استفهام توبيخ. وقيل: "أم" بمعنى الواو، أي: ويقولون افتراه، وقيل: فيه إضمار، مجازه فهل يؤمنون، أم يقولون افتراه، ثم قال: { بَلْ هُوَ }، يعني القرآن، { ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَـٰهُم }، أي: لم يأتهم، { مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ }، قال قتادة: كانوا أمة أمية لم يأتهم نذير قبل محمد صلى الله عليه وسلم. وقال ابن عباس، ومقاتل: ذاك في الفترة التي كانت بين عيسى ومحمد صلوات الله عليهما، { لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ }.

{ ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ }.

{ يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ }، أي: يحكم الأمر وينزل القضاء والقدر، { مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ } وقيل: ينزل الوحي مع جبريل من السماء إلى الأرض، { ثُمَّ يَعْرُجُ }، يصعد، { إِلَيْهِ }، جبريل بالأمر، { فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ }، أي: في يوم واحد من أيام الدنيا وقدر مسيرة ألف سنة، خمسمائة نزوله، وخمسمائة صعوده، لأن ما بين السماء والأرض خمسمائة عام، يقول: لو سار فيه أحد من بني آدم لم يقطعه إلا في ألف سنة، والملائكة يقطعونه في يوم واحد، هذا في وصف عروج الملك من الأرض إلى السماء، وأما قوله: { { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } [المعارج: 4]، أراد مدة المسافة من الأرض إلى سدرة المنتهى التي هي مقام جبريل، يسير جبريل والملائكة الذين معه من أهل مقامه مسيرة خمسين ألف سنة في يوم واحد من أيام الدنيا. هذا كله معنى قول مجاهد والضحاك، وقوله: "إليه" أي: إلى الله. وقيل: على هذا التأويل، أي: إلى مكان الملك الذي أمره الله عزّ وجلّ أن يعرج إليه.

وقال بعضهم: ألف سنة وخمسون ألف سنة كلها في القيامة، يكون على بعضهم أطول وعلى بعضهم أقصر، معناه: يدبر الأمر من السماء إلى الأرض مدة أيام الدنيا، ثم يعرج أي: يرجع الأمر والتدبير إليه بعد فناء الدنيا، وانقطاع أمر الأمراء وحكم الحكام في يوم كان مقداره ألف سنة، وهو يوم القيامة، وأما قوله: "خمسين ألف سنة" فإنه أراد على الكافر يجعل الله ذلك اليوم عليه مقدار خمسين ألف سنة، وعلى المؤمن دون ذلك حتى جاء في الحديث "أنه يكون على المؤمن كقدر صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا" .

وقال إبراهيم التيمي: لا يكون على المؤمن إلا كما بين الظهر والعصر.

ويجوز أن يكون هذا إخباراً عن شدته وهوله ومشقته. وقال ابن أبي مليكة: دخلت أنا وعبد الله ابن فيروز مولى عثمان بن عفان على ابن عباس فسأله ابن فيروز عن هذه الآية وعن قوله خمسين ألف سنة، فقال له ابن عباس: أيام سماها الله لا أدري ما هي وأكره أن أقول في كتاب الله ما لا أعلم.