{ وَإِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَـٰفِقُونَ }، معتَّب بن قشير، وقيل: عبد الله بن أُبيّ وأصحابه، { وَٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } شك وضعف اعتقاد: { مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً }، وهو قول أهل النفاق: يَعِدُنا محمد فتح قصور الشام وفارس وأحدنا لا يستطيع أن يجاوزَ رحله، هذا والله الغرور.
{ وَإِذْ قَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ }، أي: من المنافقين، وهم أوس بن قيظي وأصحابه، { يٰأَهْلَ يَثْرِبَ }، يعني المدينة، قال أبو عبيدة: "يثرب" اسم أرضٍ، ومدينةُ الرسول صلى الله عليه وسلم في ناحيةٍ منها.
وفي بعض الأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تسمى المدينة يثرب، وقال: «هي طابة»، كأنه كره هذه اللفظة.
{ لاَ مُقَامَ لَكُمْ }، قرأ العامة بفتح الميم، أي: لا مكان لكم تنزلون وتقيمون فيه، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وحفص: بضم الميم، أي: لا إقامة لكم، { فَٱرْجِعُواْ }، إلى منازلكم عن اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل: عن القتال إلى مساكنكم.
{ وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ ٱلنَّبِىَّ }، وهم بنو حارثة وبنو سلمة، { يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ }، أي: خالية ضائعة، وهو مما يلي العدو ونخشى عليها السرّاق. وقرأ أبو رجاء العطاردي «عَوِرَة» بكسر الواو، أي قصيرة الجدران يسهل دخول السراق عليها، فكذبهم الله فقال: { وَمَا هِىَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً }، أي: ما يريدون إلا الفرار.
{ وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ }، أي: لو دَخَلَتْ عليهم المدينة، يعني هؤلاء الجيوش الذين يريدون قتالهم، وهم الأحزاب، { مِّنْ أَقْطَارِهَا }، جوانبها ونواحيها جمع قطر، { ثُمَّ سُئِلُواْ ٱلْفِتْنَةَ }، أي الشرك، { لأَتَوْهَا }، لأعطوها، وقرأ أهل الحجاز لأتوها مقصوراً، أي لجاؤوها وفعلوها ورجعوا عن الإِسلام، { وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ }، أي: ما احتبسوا عن الفتنة، { إِلاَّ يَسِيراً }، ولأسرعوا الإِجابة إلى الشرك طيّبةً به أنفسهم، هذا قول أكثر المفسرين.
وقال الحسن والفراء: وما أقاموا بالمدينة بعد إعطاء الكفر إلا قليلاً حتى يهلكوا.