{ قُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ }، يعني: القرآن والإِسلام، { وَمَا يُبْدِىءُ ٱلْبَـٰطِلُ وَمَا يُعِيدُ }، أي: ذهب الباطل وزهق فلم يبق منه بقية يبدىء شيئاً أو يعيد، كما قال تعالى:
{ { بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَـٰطِلِ فَيَدْمَغُهُ } [الأنبياء: 18] وقال: قتادة: "الباطل" هو إبليس، وهو قول مقاتل والكلبي، وقيل: "الباطل": الأصنام. { قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِى }، وذلك أن كفار مكة كانوا يقولون له: إنك قد ضللت حين تركت دين آبائك، قال الله تعالى: { قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِى } أي: إثم ضلالتي على نفسي، { وَإِنِ ٱهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِى إِلَىَّ رَبِّى }، منَ القرآن والحكمة، { إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ }.
{ وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُواْ }، قال قتادة عند البعث حين يخرجون من قبورهم، { فَلاَ فَوْتَ }، أي: فلا يفوتونني كما قال:
{ { وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ } [صۤ: 3]، وقيل: إذ فزعوا فلا فوت ولا نجاة، { وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ }، قال الكلبي من تحت أقدامهم، وقيل: أُخذوا من بطن الأرض إلى ظهرها، وحيثما كانوا فهم من الله قريب، لا يفوتونه. وقيل: من مكان قريب يعني عذاب الدنيا. وقال الضحاك: يوم بدر. وقال ابن أبزي: خسف بالبيداء، وفي الآية حذف تقديره: ولو ترى إذْ فزعوا لرأيتَ أمراً تعتبرُ به. { وَقَالُوۤاْ ءَامَنَّا بِهِ }، حين عاينوا العذاب، وقيل: عند اليأس. وقيل: عند البعث. { وَأَنَّىٰ }، من أين، { لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ }، قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر: التناوش بالمد والهمز، وقرأ الآخرون بواو صافية من غير مدّ ولا همز، ومعناه التناول، أي: كيف لهم تناول ما بَعُدَ عنهم، وهو الإِيمان والتوبة، وقد كان قريباً في الدنيا فضيعوه، ومَنْ همز قيل: معناه هذا أيضاً.
وقيل التناوش بالهمزة من النبش وهو حركة في إبطاء، يقال: جاء نبشاً أي: مبطئاً متأخراً، والمعنى من أين لهم الحركة فيما لا حيلة لهم فيه، وعن ابن عباس قال: يسألون الرد إلى الدنيا فيقال وأنى لهم الرد إلى الدنيا.
{ مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ }، أي: من الآخرة إلى الدنيا.