خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِيۤ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ
٣٥
وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ
٣٦
وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ
٣٧
-فاطر

معالم التنزيل

{ ٱلَّذِىۤ أَحَلَّنَا } أنزلنا، { دَارَ ٱلْمُقَامَةِ }, أي: الإِقامة، { مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ }, أي: لا يصيبنا فيها عناء ومشقة، { وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ }, إعياء من التعب.

قوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ }، أي: لا يهلكون فيستريحوا كقوله عزّ وجلّ: { { فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ } [القصص: 15]، أي: قتله. وقيل: لا يقضي عليهم الموت فيموتوا، كقوله: { { وَنَادَوْاْ يٰمَـٰلِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } [الزخرف: 77]، أي: ليقض علينا الموت فنستريح، { وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا }، من عذاب النار، { كَذَلِكَ نَجْزِى كُلَ كَفور }، كافر، قرأ أبو عمرو: «يجزي» بالياء وضمها وفتح الزاي «كل» رفع على غير تسمية الفاعل، وقرأ الآخرون بالنون وفتحها وكسر الزاي، «كلَّ» نصب.

{ وَهُم يَصْطَرِخُونَ }، يستغيثون ويصيحون، { فِيهَا } وهم يفتعلون من الصراخ وهو الصياح يقولون: { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا }، منها من النار، { نَعْمَلْ صَـٰلِحاً غَيْرَ ٱلَّذِى كُـنَّا نَعْمَلُ }، في الدنيا من الشرك والسيئات، فيقول الله لهم توبيخاً:

{ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ }، قيل: هو البلوغ. وقال عطاء وقتادة والكلبي: ثمان عشرة سنة. وقال الحسن: أربعون سنة. وقال ابن عباس: ستون سنة، يروي ذلك عن علي وهو العمر الذي أعذر الله تعالى إلى ابن آدم.

أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا عبد السلام بن مطهر، حدثنا عمر بن علي، عن معن بن محمد الغفاري، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أعذر الله تعالى إلى امرىء أخر أجله حتى بلّغه ستين سنة" .

أخبرنا أبو سعيد الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرنا الحسين بن محمد بن فنجويه، حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، حدثنا إبراهيم بن سهلويه، حدثنا الحسن بن عرفة، أخبرنا المحاربي عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلىالله عليه وسلم: "أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك" .

قوله: { وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ }، يعني: محمداً صلى الله عليه وسلم، هذا قول أكثر المفسرين. وقيل: القرآن. وقال عكرمة، وسفيان بن عيينة، ووكيع: هو الشيب. معناه: أوَلم نعمركم حتى شبتم. ويقال: الشيب نذير الموت. وفي الأثر: ما من شعرة تبيضُّ إلا قالت لأختها استعدي فقد قرب الموت.

قوله: { فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ }.