{ مَا لَكُمْ لاَ تَنَـٰصَرُونَ }، أي: لا تتناصرون، يقال لهم توبيخاً: مالكم لا ينصر بعضكم بعضاً، يقول لهم خزنة النار، هذا جواب لأبي جهل حين قال يوم بدر:
{ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ } [القمر: 44]. فقال الله تعالى: { بَلْ هُمُ ٱلْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ }، قال ابن عباس: خاضعون. وقال الحسن: منقادون، يقال: استسلم للشيء إذا انقاد له وخضع له، والمعنى: هم اليوم أذلاء منقادون لا حيلة لهم.
{ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ }, أي: الرؤساء والأتباع { يَتَسَآءَلُونَ }، يتخاصمون.
{ قَالُوۤاْ }، أي: الأتباع للرؤساء، { إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ }، أي: من قبل الدين فتضلوننا عنه [وتُروننا أن الدين ما تضلوننا به]، قاله الضحاك. وقال مجاهد: عن الصراط الحق، واليمين عبارة عن الدين والحق، كما أخبر الله تعالى عن إبليس:
{ ثُمَّ لأَتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَـٰنِهِمْ } [الأعراف: 17]، فمن أتاه الشيطان من قبل اليمين أتاه من قبل الدين فلبَّس عليه الحق. وقال بعضهم: كان الرؤساء يحلفون لهم أن ما يدعونهم إليه هو الحق، فمعنى قوله: { تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } أي: من ناحية الأيمان التي كنتم تحلفونها فوثقنا بها.
وقيل: "عن اليمين" أي: عن القوة والقدرة، كقوله:
{ لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } [الحاقة:45]، والمفسرون على القول الأول. { قَالُواْ }، يعني: الرؤساء للأتباع، { بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ }، لم تكونوا على الحق فنضلكم عنه، أي: إنما الكفر من قِبَلِكم.