قوله تعالى: { وَلاَ تَهِنُواْ فِي ٱبْتِغَآءِ ٱلْقَوْمِ } الآية، سبب نزولها أن أبا سفيان وأصحابه لمّا رجعوا يوم أُحد بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم طائفة في آثارهم فشكوا ألمَ الجراحات، فقال الله تعالى: { وَلاَ تَهِنُواْ } أي: لا تضعفُوا (في ابْتِغَاء القَوْم) في طلب أبي سفيان وأصحابه، { إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ }، تتوجّعُون مِنَ الجراح، { فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ }، أي: يتوجّعُون، يعني الكفار، { كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ }، أي: وأنتم مع ذلك تأملون من الأجر والثواب في الآخرة والنصر في الدنيا مالا يرجون، وقال بعض المفسرين: المراد بالرجاء الخوف، لأن كل راج خائف أن لا يدرك مأموله. ومعنى الآية: وترجون من الله أي: تخافون من الله أي: تخافون من عذاب الله مالا يخافون، قال الفرّاءرحمه الله : ولا يكون الرجاء بمعنى الخوف إلا مع الجحد، كقوله تعالى:
{ { قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ } [الجاثية: 14] أي: لا يخافون، وقال تعالى: { مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } [نوح: 13] أي: لا تَخَافُونَ لله عظمتَه، ولا يجوز رجوتُك بمعنى: خفتُكَ، ولا خفتُك وأنتَ تريدُ رجوتك{ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً }.