خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً
١٢٤
وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفاً وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً
١٢٥
-النساء

معالم التنزيل

قوله تعالى: { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً }، أي: مقدار النقير، وهو النقرة التي تكون في ظهر النَّواة، قرأ ابن كثير وأبو جعفر وأهل البصرة وأبو بكر { يَدْخُلُونَ } بضم الياء وفتح الخاء هاهنا وفي سورة مريم وحم المؤمن، زادَ أبو عمرو: { يُدْخَلُونَها } في سورة فاطر، وقرأ الآخرون بفتح الياء وضم الخاء. روى الأعمش عن أبي الضحى، عن مسروق قال: لمّا نزلتْ { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ } قال أهل الكتاب: نحنُ وأنتم سواء، فنزلت هذه الآية: { ومَنْ يَعْملْ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } الآية، ونزلت أيضاً: { وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً }، أحكمُ ديناً { مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله }، أي: أخلص عمله لله، وقيل: فوّض أمرَه إلى الله، { وَهُوَ مُحْسِنٌ } أي: مُوحِّد، { واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ }، يعني: دين إبراهيم عليه السلام، { حَنِيفاً } أي: مُسلماً مُخلصاً، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ومن دين إبراهيم الصلاة إلى الكعبة والطواف بها ومناسك الحج، وإنّما خُصّ إبراهيم لأنه كان مقبولاً عند الأمم أجمع، وقيل: لأنه بُعث على ملّة إبراهيم وزِيد له أشياء. { وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَٰهِيمَ خَلِيلاً }، صفياً، والخلّة: صفاء المودّة، وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما: كان إبراهيم عليه السلام أبا الضيفان، وكان منزله على ظهر الطّريق يضيِّف من مرَّ به من الناس، فأصاب الناسَ سَنَةٌ فحُشروا إلى باب إبراهيم عليه السلام يطلبون الطعامَ وكانت الميرة له كل سنة من صديق له بمصر، فبعث غلمانه بالإِبل إلى الخليل الذي بمصر، فقال لغلمانه: لو كان إبراهيم عليه السلام إنما يريده لنفسه احتملنا ذلك له، فقد دخل علينا ما دخل على الناس من الشدة، فرجع رُسل إبراهيم عليه السلام، فمرّوا ببطحاء فقالوا: [إنا لو] حملنا من هذه البطحاء ليرى الناس أنا قد جئنا بميرة، فإنّا نستحي أن نمرّ بهم وإبلنا فارغة، فملؤوا تلك الغرائر سهلة، ثم أتوا إبراهيم فأعلموه وسارة نائمة، فاهتم إبراهيم لمكان الناس ببابه، فغلبته عيناه فنام واستيقظت سارة وقد ارتفع النهار، فقالت: سبحان الله ما جاء الغلمان؟ قالوا: بلى، قالت: فما جاؤوا بشيء؟ قالوا: بلى، فقامت إلى الغرائر ففتحتها فإذا هو أجود دقيق حُواري يكون، فأمرت الخبازين فخبزوا وأطعموا الناسَ فاستيقظ إبراهيم فوجد ريح الطعام، فقال: يا سارة من أين هذا؟ قالت: من عند خليلك المصري، فقال: هذا من عند خليلك الله، قال: فيومئذٍ اتخذه الله خليلاً.

قال الزجاج: معنى الخليل الذي ليس في محبته خلل، والخلة: الصداقة، فسُمي خليلاً لأنّ الله أحبه واصطفاه. وقيل: هو من الخلة وهي الحاجة، سُمي خليلاً، أي: فقيراً إلى الله [لأنه لم يجعل فقره وفاقته إلاّ إلى الله عزّ وجل] والأول أصح لأن قوله { وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَٰهِيمَ خَلِيلاً } يقتضي الخلة من الجانبين، ولا تتصور الحاجة من الجانبين.

ثنا أبو المظفر بن أحمد التيمي ثنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم ثنا خيثمة بن سليمان ابن حيدرة الاطرابلسي ثنا أبو قلابة الرقاشي ثنا بشر بن عمر ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "لو كُنتُ متخذاً خليلاً لاتخذتُ أبا بكر خليلاً ولكنَّ أبا بكر أخي وصاحبي، ولقد اتّخذ الله صاحبَكم خليلاً" .