قال الله تعالى: { ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِىَ ٱللهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ }، فيه متروك استغني عنه لدلالة الظاهر عليه، مجازه: فأُجيبوا أن لا سبيل إلى ذلك، وهذا العذاب والخلود في النار بأنكم إذا دعي الله وحده كفرتم، أي إذا قيل لا إله إلا الله [كفرتم]، وقلتم:
{ أَجَعَلَ ٱلأَلِهَةَ إِلَـٰهاً وَٰحِداً } [ص: 5]، { وَإِن يُشْرَكْ بِهِ }، غيره { تُؤْمِنُواْ }، تصدقوا ذلك الشرك، { فَٱلْحُكْمُ للهِ ٱلْعَلِـىِّ ٱلْكَبِيرِ }. الذي لا أعلى منه ولا أكبر. { هُوَ ٱلَّذِى يُرِيكُمْ ءَايَـٰتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ رِزْقاً }، يعني: المطر الذي هو سبب الأرزاق، { وَمَا يَتَذَكَّرُ }، وما يتعظ بهذه الآيات، { إِلاَّ مَن يُنِيبُ }، يرجع إلى الله تعالى في جميع أموره.
{ فَٱدْعُواْ ٱللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ }، الطاعة والعبادة. { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَـٰفِرُونَ }.
{ رَفِيعُ ٱلدَّرَجَـٰتِ }، رافع درجات الأنبياء والأولياء في الجنة، { ذُو ٱلْعَرْشِ }، خالقه ومالكه، { يُلْقِى ٱلرُّوحَ }، ينزل الوحي، سماه روحاً لأنه تحيا به القلوب كما تحيا الأبدان بالأرواح، { مِنْ أَمْرِهِ }، قال ابن عباس: من قضائه. وقيل: من قوله. وقال مقاتل: بأمره. { عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ }، أي: لينذر النبي بالوحي، { يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ }، وقرأ يعقوب بالتاء أي: لتنذر أنت يا محمد يوم التلاق، يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض. قال قتادة ومقاتل: يلتقي فيه الخلق والخالق. قال ابن زيد: يتلاقى العباد. وقال ميمون بن مهران: يلتقي الظالم والمظلوم والخصوم. وقيل: يلتقي العابدون والمعبودون. وقيل: يلتقي فيه المرء مع عمله.
{ يَوْمَ هُم بَـٰرِزُونَ }، خارجون من قبورهم ظاهرون لا يسترهم شيء، { لاَ يَخْفَىٰ عَلَى ٱللهِ مِنْهُمْ }، من أعمالهم وأحوالهم، { شَىْءٌ }، يقول الله تعالى في ذلك اليوم بعد فناء الخلق، { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ }، فلا أحد يجيبه، فيجيب نفسه فيقول، { للهِ ٱلْوَٰحِدِ ٱلْقَهَّارِ }، الذي قهر الخلق بالموت.