{فِى ٱلْحَمِيمِ ثُمَّ فِى ٱلنَّارِ يُسْجَرُونَ}، قال مقاتل: توقد بهم النار. وقال مجاهد: يصيرون وقوداً للنار.
{ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ * مِن دُونِ ٱللهِ}؟ يعني الأصنام, {قَـالُواْ ضَـلُّواْ عَنَّا}، فقدناهم فلا نراهم، {بَل لَّمْ نَكُن نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيئَاً}، قيل: أنكروا. وقيل: معناه بل لم نكن ندعو من قبل شيئاً ينفع ويضر. وقال الحسين بن الفضل: أي: لم نكن نصنع من قبل شيئاً، أي ضاعت عبادتنا لها، كما يقول مَنْ ضاعَ عمله: ما كنتُ أعمل شيئاً. قال الله عزّ وجلّ: {كَذَلِكَ} أي: كما أضل هؤلاء، {يُضِلُّ ٱللهُ ٱلْكَافِرِين}.
{ذَلِكُمْ} العذاب الذي نزل بكم، {بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ} تبطرون وتأشرون، {فِى ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ} تفرحون وتختالون.
{ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَٰبَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ * فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللهِ}، بنصرك، {حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بعضَ الذي نَعِدُهُمْ}، من العذاب في حياتك، {أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ}، قبل أن يحل ذلك بهم، {فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ}.
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ}، خبرهم في القرآن، {وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِىَ بِـآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللهِ}، بأمر الله وإرادته {فَإِذَا جَـآءَ أَمْرُ ٱللهِ}، قضاؤه بين الأنبياء والأمم، {قُضِىَ بِٱلْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلْمُبْطِلُونَ}.
{ٱللهُ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَنْعَـٰمَ لِتَرْكَـبُواْ مِنْهَا}، بعضها، {وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا مَنَـٰفِعُ}، في أصوافها وأوبارها وأشعارها وألبانها. {وَلِتَـبْلُغُواْ عَلَيْهَا حَاجَةً فِى صُدُورِكُمْ}، تحمل أثقالكم من بلد إلى بلد ولِتبلغوا عليها حاجاتكم، {وَعَلَيْهَا وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ}، أي: على الإِبل في البر وعلى السفن في البحر، نظيره: قوله تعالى:
{ وَحَمَلْنَـٰهُمْ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } [الإسراء: 70]. {وَيُرِيكُمْ ءَايَـٰتِهِ}، دلائل قدرته، {فَأَىَّ ءَايَـٰتِ ٱللهِ تُنكِرُونَ}.
{أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوۤاْ أَكْـثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَءَاثَاراً فِى ٱلأَرْضِ}، يعني: مصانعهم وقصورهم، {فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُم}، لم ينفعهم، {مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} وقيل: هو بمعنى الاستفهام، مجازه: أيُّ شيء أغنى عنهم كسبهم؟
{فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَـٰتِ فَرِحُواْ}، رضوا، {بِمَا عِندَهُمْ مِّنَ ٱلْعِلْمِ}، قال مجاهد: هو قولهم نحن أعلم، لن نبعث ولن نعذب، سمي ذلك علماً على ما يدعونه ويزعمونه وهو في الحقيقة جهل. {وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ * فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قَالُوۤاْ ءَامَنَّا بِٱللهِ وَحْدَهُ وَكَـفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ}، يعني: تبرأنا مما كنّا نعدل بالله.
{فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَـٰنُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا}، عذابنا،
{سُنَّتََ ٱللهِ}، قيل: نصبها بنزع الخافض، أي: كسنة الله. وقيل: على المصدر. وقيل: على الإغراء، أي: احذروا سنة الله، {ٱلَّتِى قَدْ خَلَتْ فِى عِبَادِهِ}، وتلك السنة أنهم إذا عاينوا عذاب الله آمنوا، ولا ينفعهم إيمانهم عند معاينة العذاب. {وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلْكافرون}، بذهاب الدارين، قال الزجاج: الكافر خاسر في كل وقت، ولكنه يتبين لهم خسرانهم إذا رأوا العذاب.