قوله تعالى: { وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا }، أي نصيباً وبعضاً وهو قولهم: الملائكة بنات الله، ومعنى الجعل - هاهنا - الحكم بالشيء والقول، كما تقول: جعلت زيداً أفضل الناس، أي وصفته وحكمت به، { إِنَّ ٱلإنسَـٰنَ }، يعني الكافر، { لَكفورٌ }، جحود لنعم الله، { مُّبِينٌ }، ظاهر الكفران.
{ أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ }، هذا استفهام توبيخ وإنكار، يقول: اتَّخذَ ربكم لنفسه البنات، { وَأَصْفَـٰكُم بِٱلْبَنِينَ }، كقوله:
{ أَفَأَصْفَـٰكُمْ رَبُّكُم بِٱلْبَنِينَ } [الإسراء: 40]. { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَـٰنِ مَثَلاً }، بما جعل لله شبهاً، وذلك أن ولد كل شيء يشبهه، يعني إذا بُشّر أحدهم بالبنات كما ذكر في سورة النحل:
{ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ، ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ } [النحل: 58]، من الحزن والغيظ. { أَوَمَن يُنَشَّؤُاْ }، قرأ حمزة والكسائي وحفص: "يُنَشَّأ" بضم الياء وفتح النون وتشديد الشين، أي يُربّى، وقرأ الآخرون بفتح الياء وسكون النون وتخفيف الشين، أي ينبت ويكبر، { فِى ٱلْحِلْيَةِ }، في الزينة يعني النساء، { وَهُوَ فِى ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ }، في المخاصمة غير مبين للحجة من ضعفهن وسفههن، قال قتادة: في هذه الآية: قلَّما تتكلم امرأة تريد أن تتكلم بحجتها إلا تكلمت بالحجة عليها.
وفي محل "مَنْ" ثلاثة أوجه: الرفع على الابتداء، والنصب على الإضمار، مجازه: أَوَ مَنْ ينشؤ في الحلية يجعلونه بنات الله، والخفض ردّاً على قوله: "مِمَّا يَخلق"، وقوله: "بِمَا ضربَ".