خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ
٦٧
يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ
٦٨
ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ
٦٩
ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ
٧٠
يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٧١
وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِيۤ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٧٢
لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ
٧٣
إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ
٧٤
لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ
٧٥
وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّالِمِينَ
٧٦
وَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ
٧٧
-الزخرف

معالم التنزيل

{ ٱلأَخِلاَّءُ }، على المعصية في الدنيا، { يَوْمَئِذٍ }، يوم القيامة، { بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ }، إلا المتحابين في الله عزّ وجلّ على طاعة الله عزّ وجلّ.

أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أخبرني عقيل بن محمد بن أحمد، أن أبا الفرج البغدادي القاضي أخبرهم عن محمد بن جرير، حدثنا ابن عبد الأعلى، عن قتادة، حدثنا أبو ثور عن معمر عن قتادة عن أبي إسحاق أن علياً قال في هذه الآية: خليلان مؤمنان وخليلان كافران، فمات أحد المؤمنين فقال: يا رب إن فلاناً كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك، ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر، ويخبرني أني ملاقيك، يا رب فلا تضله بعدي واهده كما هديتني وأكرمه كما أكرمتني، فإذا مات خليله المؤمن جُمع بينهما، فيقول: ليثنِ أحدكما على صاحبه، فيقول: نِعْمَ الأخ، ونعم الخليل، ونعم الصاحب، قال: ويموت أحد الكافرين، فيقول: يا رب إن فلاناً كان ينهاني عن طاعتك وطاعة رسولك، ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير، ويخبرني أني غير ملاقيك، فيقول بئس الأخ، وبئس الخليل، وبئس الصاحب.

{ يٰعِبَادِ }، أي فيقال لهم: يا عبادي، { لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ }، ورُوي عن المعتمر بن سليمان عن أبيه قال: سمعت أن الناس حين يبعثون ليس منهم أحد إلا فزع، فينادي منادٍ: { يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ }، فيرجوها الناس كلهم فيتبعها: { ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِـئَايَـٰتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ }، فييأسُ الناسُ منها غير المسلمين. فيقال لهم: { ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَٰجُكُمْ تُحْبَرُونَ }، تسرون وتنعمون.

{ يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَـٰفٍ }، جمع صحفة وهي القصعة الواسعة، { مِّن ذَهَبٍ وأكوابٍ }، جمع كوب وهو إناء مستدير مدور الرأس لا عرى لها، { وَفِيهَا }، أي في الجنة، { مَا تَشْتَهِى ٱلأَنْفُسُ }، قرأ أهل المدينة والشام وحفص (تشتهيه)، وكذلك في مصاحفهم، وقرأ الآخرون بحذف الهاء. { وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ }.

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة، أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث، أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي، أخبرنا عبد الله بن محمود، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن عبد الرحمن بن سابط قال: "قال رجل: يا رسول الله أفي الجنة خيل؟ فإني أحب الخيل، فقال: إن يدخلك الله الجنة لا تشاء أن تركب فرساً من ياقوتة حمراء فتطير بك في أي الجنة شئت، إلاّ فعلتَ، فقال أعرابي: يا رسول الله أفي الجنة إبل؟ فقال: يا أعرابي إن يدخلك الله الجنة أصبت فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك" .

{ وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِىۤ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَـٰكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ } وفي الحديث: "لا ينزع رجل من الجنة من ثمرة إلا نبت مكانها مثلاها" .

{ إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ }، المشركين، { فِى عَذَابِ جَهَنَّمَ خَـٰلِدُونَ * لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ * وَمَا ظَلَمْنَـٰهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّـٰلِمِينَ * وَنَادَوْاْ يٰمَـٰلِكُ }، يدعون خازن النار، { لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ }، ليمتنا ربك فنستريح فيجيبهم مالك بعد ألف سنة، { قَالَ إِنَّكُمْ مَّـٰكِثُونَ }، مقيمون في العذاب.

أخبرنا محمد ابن عبد الله بن أبي توبة، أخبرنا محمد بن أحمد بن الحارث، أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي، أخبرنا عبد الله بن محمود، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قتادة يذكره عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنّ أهل النار يدعون مالكاً فلا يجيبهم أربعين عاماً، ثم يردّ عليهم إنكم ماكثون، قال: هانت - والله - دعوتهم على مالك وعلى رب مالك، ثم يدعون ربهم فيقولون: ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنّا قوماً ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنّا ظالمون، قال: فيسكت عنهم قدر الدنيا مرتين، ثم يرد عليهم: اخسؤوا فيها ولا تكلمون، قال: فوالله ما نبس القوم بعدها بكلمة، وما هو إلا الزفير والشهيق في نار جهنم، فشبه أصواتهم بأصوات الحمير، أولها زفير وآخرها شهيق.