{ لَقَدْ جِئْنَـٰكُم بِٱلْحَقِّ }، يقول أرسلنا إليكم يا معشر قريش رسولنا بالحق، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَـٰرِهُونَ }.
{ أَمْ أَبْرَمُوۤاْ }، أم أحكموا، { أَمْراً }، في المكر برسول الله صلى الله عليه وسلم، { فَإِنَّا مُبْرِمُونَ }، محكمون أمراً في مجازاتهم، قال مجاهد: إن كادُوا شراً كدتهم مثله.
{ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ ونَجْوَاهُم }، ما يسرونه من غيرهم ويتناجون به بينهم، { بَلَىٰ }، نسمع ذلك ونعلم، { وَرُسُلُنَا }، أيضاً من الملائكة يعني الحفظة، { لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ }.
{ قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَـٰبِدِينَ }، يعني إن كان للرحمن ولد في قولكم وعلى زعمكم، فأنا أول من عبده فإنه واحد لا شريك له ولا ولد. وروي عن ابن عباس: { إِنْ كَانَ } أي ما كان للرحمن ولد، فأنا أول العابدين الشاهدين له بذلك، جعل: "إنْ" بمعنى الجحد.
وقال السدي: معناه لو كان للرحمن ولد فأنا أول من عبده بذلك، ولكن لا ولد له.
وقيل: "العابدين" بمعنى الآنفين، أي أنا أول الجاحدين والمنكرين لما قلتم.
ويقال: معناه: أنا أول من غضب للرحمن أن يقال له ولد، يقال: عبد يعبد إذا أنف وغضب.
وقال قوم: قلّ ما يُقال: عَبَدَ فهو عابد، إنما يقال: فهو عَبْدٌ.
ثم نزه نفسه فقال: { سُبْحَـٰنَ رَبِّ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } عما يقولون من الكذب.
{ فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ }، في باطلهم، { وَيَلْعَبُواْ }، في دنياهم، { حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِى يُوعَدُونَ }، يعني يوم القيامة.