قوله عزّ وجلّ: { قُلْ يَـٰۤأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ لَسْتُمْ عَلَىٰ شَىْءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ } أي: تقيموا أحكامهما وما يجب عليكم فيهما، { وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَـٰناً وَكُفْراً فَلاَ تَأْسَ }، فلا تحزن، { عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَـٰفِرِينَ }.
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّـٰبِئُونَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ }، وكان حقه: { وَٱلصَّابِئِينَ }، وقد ذكرنا في سورة البقرة وجه ارتفاعه، وقال سيبويه: فيه تقديم وتأخير وتقديره: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى من آمن بالله إلى آخر الآية، والصابئون كذلك، قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ }، أي: باللسان، وقوله: { مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ }، أي: بالقلب، وقيل: الذين آمنوا على حقيقة الإيمان { مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ }، أي: ثبتَ على الإيمان، { وَٱلْيَوْمِ ٱلأَخِرِ وعَمِلَ صَـٰلِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }.
قوله تعالى: { لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِىۤ إِسْرَٰءِيلَ } في التوحيد والنبوّة، { وَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَآءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُواْ }، عيسى ومحمّداً صلوات الله وسلامه عليهما، { وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ }، يحيى وزكريا. { وَحَسِبُوۤاْ }، ظنوا، { أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ }، أي: عذاب وقتل، وقيل: ابتلاء واختبار، أي: ظنّوا أن لا يُبتلوا ولا يُعذّبهم الله، قرأ أهل البصرة وحمزة والكسائي { تكون } برفع النون على معنى أنها لا تكون، ونصبها الآخرون كما لو لم تكن قبله لا، { فَعَمُواْ }، عن الحق فلم يبصروه، { وَصَمُّواْ }، عنه فلم يسمعوه، يعني: عموا وصموا بعد موسى صلوات الله وسلامه عليه، { ثُمَّ تَابَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ }، ببعث عيسى عليه السلام، { ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ }، بالكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، { وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ }.