خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوۤاْ إِذَا مَا ٱتَّقَواْ وَآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ
٩٣
يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِٱلْغَيْبِ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٩٤
-المائدة

معالم التنزيل

قوله عزّ وجلّ: { لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوۤاْ }، سبب نزول هذه الآية أنّ الصحابة رضوان الله عليهم قالوا لمّا نزل تحريم الخمر: يا رسول الله كيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر [ويأكلون] من مال الميسر؟ فأنزل الله تعالى: { لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوۤاْ }، وشَرِبُوا من الخمر وأكلوا من مال الميسر، { إِذَا مَا ٱتَّقَواْ }، الشركَ، { وَءامَنُواْ }، وصدّقوا، { وَعَمِلُواْ الصَّـٰلِحَـٰتِ ثُمَّ اتَّقَواْ }، الخمر والميسرَ بعد تحريمهما، { وَءَامَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ }، ما حرّم الله عليهم أكله وشربه، { وأَحْسَنُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ }، وقيل: معنى الأول إذا ما اتّقوا الشرك، وآمنوا وصدقوا ثمّ اتّقوا، أي: داومُوا على ذلك التقوى، { وآمنوا } وازْدادوا إيماناً، ثم اتقوا المعاصي كلها وأحسنوا، وقيل: أي: اتقوا بالإحسان، وكلُّ محسن متقٍ، { وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ }.

قوله عزّ وجلّ: { يَـٰۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ بِشَىْءٍ مِّنَ ٱلصَّيْدِ } الآية، نزلت عام الحديبية وكانوا محرمين ابتلاهم الله بالصيد، وكانت الوحوش تغشى رحالهم من كثرتها فهمّوا بأخذها فنزلت: { يَـٰۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ } ليختبرنّكم الله، وفائدة البلوى إظهار المطيع من العاصي، وإلا فلا حاجة له إلى البلوى بشيء من الصيد، وإنما بعض، فقال { بِشَىْءٍ } لأنه ابتلاهم بصيد البرِّ خاصةً. { تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ }، يعني: الفرخ والبيض وما لا يقدر أن يفرّ من صغار الصيد، { وَرِمَـٰحُكُمْ }، يعني: الكبار من الصيد، { لِيَعْلَمَ ٱللَّهُ }، ليرى الله، لأنه قد علمه، { مَن يَخَافُهُ بِٱلْغَيْبِ }، أي: يخاف الله ولم يره؛ كقوله تعالىٰ: { { ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِٱلْغَيْبِ } [الأنبياء: 49]، أي: يخافه فلا يصطاد في حال الإحرام، { فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ }، أي: صاد بعد تحريمه، { فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ }، رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال؛ [يوجع] ظهره وبطنه جلداً، ويُسلب ثيابه.