خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ
٢٢
ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ
٢٣
ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
٢٤
-الأنعام

معالم التنزيل

{ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً }، أي: العابدين والمعبودين، يعني: يوم القيامة، قرأ يعقوب { يحشرهم } هاهنا، وفي سبأ بالياء، ووافق حفص في سبأ، وقرأ الآخرون بالنون. { ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ }، أنها تشفع لكم عند ربكم.

{ ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ }، قرأ حمزة والكسائي ويعقوب "يكن" بالياء لأن الفتنة بمعنى الافتتان، فجاز تذكيره، وقرأ الآخرون بالتاء لتأنيث الفتنة، وقرأ ابن كثير وابن عامر حفص عن عاصم "فتنتهم" بالرفع جعلوه اسم كان، وقرأ الآخرون بالنصب، فجعلوا الاسم قوله "أن قالوا" وفتنتهم الخبر، ومعنى قوله "فتنتهم" أي: قولهم وجوابهم، وقال ابن عباس وقتادة: معذرتهم والفتنة التجربة، فلما كان سؤالهم تجربة لإظهار ما في قلوبهم قيل له فتنة.

قال الزجاج: في قوله: { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ } معنى لطيف، وذلك مثل الرجل يفتتن بمحبوب ثم يصيبه فيه [محنة] فيتبرأ من محبوبه، فيقال: لم تكن فتنته إلا هذا، كذلك الكفار فُتنوا بمحبة الأصنام ولما رأوا العذاب تبرأوا منها، يقول الله عزّ وجلّ: { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ }، في محبتهم للأصنام، { إِلاَّ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ }، قرأ حمزة والكسائي { ربنا } بالنصب على النداء المضاف، وقرأ الآخرون بالخفض على نعت والله، وقيل: إنهم إذا رأوا يوم القيامة مغفرةَ الله تعالى وتجاوزوه عن أهل التوحيد، قال بعضهم لبعض: تعالوا نكتُمُ الشرك لعلّنا ننجوا مع أهل التوحيد، فيقولون: والله ربِّنا ما كنّا مشركين، فيختم على أفواههم وتشهدُ عليهم جوارحُهم بالكفر.

فقال عزّ وجلّ: { ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ }، باعتذارهم الباطل وتبريهم عن الشرك، { وَضَلَّ عَنْهُم } أي: زال وذهب عنهم { مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }، من الأصنام، وذلك أنهم كانوا يرجون شفاعتها ونصرتها، فبطل كله في ذلك اليوم.