{ وَكذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ } أي: القرآن، وقيل: بالعذاب، { وَهُوَ ٱلْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ }، برقيب، وقيل: بمسلَّطٍ ألزمكم الإسلام شِئْتُمْ أو أبيتم، إنّما أنا رسول.
{ لِّكُلِّ نَبَإٍ }، خبر من أخبار القرون، { مُّسْتَقَرٌّ }، حقيقة ومنتهى ينتهي إليه فيتبيّن صدقه من كذبه وحقّه من باطله، إما في الدنيا وإمّا في الآخرة، { وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ }، وقال مقاتل: لكل خبر يخبره الله وقت [وقّته] ومكان يقع فيه من غير خلف ولا تأخير، وقال الكلبي: [لكلِّ] قولٍ وفعلٍ حقيقة، إمّا في الدنيا وإمّا في الآخرة وسوف تعلمون ما كان في الدنيا فستعرفونه، وما كان في الآخرة فسوف يبدو لكم.
قوله عزّ وجلّ: { وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِىۤ ءَايَـٰتِنَا }، يعني: في القرآن بالاستهزاء { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ }، فاتركهم [ولا تجالسهم]، { حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ }، قرأ ابن عامر بفتح النون وتشديد السين، وقرأ الآخرون بسكون النون وتخفيف السين، { ٱلشَّيْطَـٰنُ } نَهْيَنَا، { فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ }، يعني: إذا جالست معهم ناسياً فقم من عندهم بعدما تذكّرت.
{ وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَىْءٍ }، رُوي عن ابن عباس أنه قال: لمّا نزلت هذه الآية: { وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِىۤ ءَايَـٰتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ }، قال المسلمون: كيف نقعد في المسجد الحرام ونطوف بالبيت وهم يخوضون أبداً؟ وفي رواية: قال المسلمون: فإنا نخاف الإثم حين نتركهم ولا ننهاهم، فأنزل الله عزّ وجلّ: { وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ }، الخوض { مِنْ حِسَابِهِم } أي: من آثام الخائضين، { مِّن شَىْءٍ وَلَـٰكِن ذِكْرَىٰ }، أي: ذكروهم وعِظُوهم بالقرآن، والذكر والذكرى واحد، يريد ذكّروهم ذكري، فتكون في محل النصب، { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }، الخوض إذا وعظتموهم فرخّصَ في مجالستهم على الوعظ لعله يمنعهم ذلك من الخوض، وقيل: لعلّهم يستحيون.