{ قَالُوۤاْ }، يعني السحرة لفرعون: { إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ }، راجعون في الآخرة.
{ وما تَنقِمُ مِنَّآ }، أي: ما تكره منّا. وقال الضحاك وغيره: وما تطعن علينا. وقال عطاء: مالنا عندك من ذنب تعذبنا عليه، { إِلآ أَنْ ءَامَنَّا بِـآيَـٰتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا }، ثم فزعوا إلى الله عزّ وجلّ فقالوا: { رَبَّنَآ أَفْرِغْ } أصببْ { عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ }، ذكر الكلبي: أن فرعون قطّع أيديهم وأرجلهم وصلبهم، وذكر غيره: أنه لم يقدر عليهم لقوله تعالى:
{ { فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَآ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلْغَالِبُونَ } [القصص: 35].
{ وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ } له: { أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِى ٱلأَرْضِ }، وأرادوا بالإفساد في الأرض دعاءهم الناس إلى مخالفة فرعون في عبادته، { وَيَذَرَكَ }، أي: وليذرك، { وَءالِهَتَكَ }، فلا يعبدك ولا يعبدها. قال ابن عباس: كان لفرعون بقرة يعبدها، وكان إذا رأى بقرة حسناء أمرهم أن يعبدوها، فلذلك أخرج السامري لهم عجلاً. وقال الحسن: كان قد علق على عنقه صليباً يعبده. وقال السدي: كان فرعون قد اتّخذ لقومه أصناماً وأمرهم بعبادتها، وقال لقومه: هذه آلهتكم وأنا ربها وربكم، فذلك قوله:
{ { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } [النازعات: 24]، وقرأ ابن مسعود وابن عباس والشعبي والضحاك: "ويذرك وإلاَهَتَكَ" بكسر الألف، أي: عبادتك فلا يعبدك، لأن فرعون كان يُعْبَد ولا يَعْبُد. وقيل: أراد بالآلهة الشمس، وكانوا يعبدونها. قال الشاعر:
تَرَوَّحْنَا من اللَّعْبَاءِ قَصْراًوَأعْجَلْنَا الإلاهةَ أَنْ تُؤبَا
{ قَالَ } فرعون: { سَنُقَتِّلُ أَبْنَآءَهُمْ }، قرأ أهل الحجاز: "سنقتل" بالتخفيف من القتل، وقرأ الآخرون بالتشديد من التقتيل على التكثير، { وَنَسْتَحْيِـى نِسَآءَهُمْ }، نتركهن أحياء، { وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَـٰهِرُونَ }، غالبون. قال ابن عباس: كان فرعون يقتل أبناء بني إسرائيل في العام الذي قيل له إنه يولد مولود يذهب بملكك، فلم يزل يقتلهم حتى أتاهم موسى بالرسالة، وكان من أمره ما كان، فقال فرعون: أعيدوا عليهم القتل فأعادوا عليهم القتل، فشكت ذلك بنو إسرائيل.