خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَكَتَبْنَا لَهُ فِي ٱلأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُوْرِيكُمْ دَارَ ٱلْفَاسِقِينَ
١٤٥
-الأعراف

معالم التنزيل

قوله عزّ وجلّ: { وَكَتَبْنَا لَهُ }، يعني لموسى، { فِى ٱلأَلْوَاحِ }، "قال ابن عباس: يريد ألواح التوراة. وفي الحديث: كانت من سدر الجنة طول اللوح اثنا عشر ذراعاً" . وجاء في أحاديث: "خلق الله آدم بيده وكتب التوراة بيده وغرس شجرة طوبى بيده" .

قال الحسن: كانت الألواح من خشب. قال الكلبي: كانت من زبرجدة خضراء. وقال سعيد بن جبير: كانت من ياقوت أحمر. وقال الربيع بن أنس: كانت الألواح من برد. وقال ابن جريج: كانت من زمرد، أمر الله جبريل حتى جاء بها من عدن، وكتبها بالقلم الذي كتب به الذكر واستمد من نهر النور وقال وهب: أمر الله بقطع الألواح من صخرة صماء ليّنها الله له فقطعها بيده ثم شققها بإصبعه، وسمع موسى صرير القلم بالكلمات العشر وكان ذلك في أول يوم من ذي القعدة، وكانت الألواح عشرة أذرع على طول موسى. وقال مقاتل ووهب: { وَكَتَبْنَا لَهُ فِى ٱلأَلْوَاحِ }، كنقش الخاتم. وقال الربيع بن أنس: نزلت التوراة وهي سبعون وقر بعير يقرأ الجزء منه في سنة, لم يقرأها إلا أربعة نفر: موسى، ويوشع، وعزير، وعيسى.

وقال الحسن: هذه الآية في التوراة ألف آية، يعني "وكتبنا له فى الألواح"، { مِن كُلِّ شَىْءٍ }، مما أُمروا به ونُهوا عنه، { مَّوْعِظَةً } نهياً عن الجهل، وحقيقة الموعظة: التذكير والتحذير مما يخاف عاقبته، { وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَىْءٍ }، أي: تبييناً لكل شيء من الأمر والنهي، والحلال والحرام، والحدود والأحكام. { فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ }، أي: بجد واجتهاد. وقيل: بقوة القلب وصحة العزيمة، لأنه إذا أخذه بضعف النيّة أدّاه إلى الفتور، { وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا }، قال عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: يُحِلُّوا حلالها، ويُحرّموا حرامها ويتدَبَّروا أمثالها، ويعملوا بمُحْكَمِها، ويقفوا عند متشابهها. وكان موسى عليه السلام أشدَّ عبادة من قومه، فأُِمر بما لم يُؤمروا به.

قال قطرب: بأحسنها أي بحسنها، وكلها حسن. وقيل: أحسنها الفرائض والنوافل، وهي ما يستحق عليها الثواب وما دونها المباح، لأنه لا يستحق عليه الثواب. وقيل: بأحسنها، بأحسن الأمرين في كل شيء كالعفو أحسن من القصاص والصبر أحسن من الانتصار.

{ سَأُوْرِيكُمْ دَارَ ٱلْفَـٰسِقِينَ }، قال مجاهد: مصيرها في الآخرة، وقال الحسن وعطاء: يعني جهنم يحذركم أن تكونوا مثلهم. وقال قتادة وغيره: سأدخلكم الشأم فأريكم منازل القرون الماضية الذين خالفوا أمر الله لتعتبروا بها. وقال عطية العوفي: أراد دار فرعون وقومه وهي مصر، يدل عليه قراءة قسامة بن زهير: "سأورثكم دار الفاسقين". وقال السدي: دار الفاسقين مصارع الكفار. وقال الكلبي: ما مروا عليه إذا سافروا من منازل عاد وثمود والقرون الذين أُهلكوا.