خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ
٢٣
قَالَ ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ
٢٤
قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ
٢٥
يَٰبَنِيۤ ءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ ذٰلِكَ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
٢٦
-الأعراف

معالم التنزيل

{ قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } الهالكين

{ قَالَ ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ }.

{ قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ }، يعني: في الأرض تعيشون، { وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ }، أي: من الأرض تخرجون من قبوركم للبعث، قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي: { تُخْرَجُونَ } بفتح التاء هاهنا وفي الزخرف، وافق يعقوب هاهنا وزاد حمزة والكسائي: "وكذلك تخرجون" في أول الروم، والباقون بضم التاء وفتح الراء فيهن.

{ يَـٰبَنِىۤ آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ }، أي: خَلْقَنَا لكم { لِبَاسًا }، وقيل: إنّما قال: "أنزلْنا" لأنّ اللباس يكون من نبات الأرض، والنبات يكون بما ينزل من السماء، فمعنى قوله: { أَنزَلْنَا } أي: أنزلنا أسبابه. وقيل: كل بركات الأرض منسوبة إلى السماء؛ كما قال تعالى: { { وَأَنزْلْنَا ٱلْحَدِيدَ } [الحديد: 25]، وإنما يستخرج الحديد من الأرض.

وسبب نزول هذه الآية: أنهم كانوا في الجاهلية يطوفون بالبيت عراة يقولون: لا نطوف في ثياب عصينا الله فيها، فكان الرجال يطوفون بالنهار والنساء بالليل عراة.

وقال قتادة: كانت المرأة تطوف وتضع يدها على فرجها وتقول:

اليَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أوْ كُلُّهُوَمَا بَدَا مِنْهُ فَلاَ أحِلُّهُ

فأمر الله سبحانه بالستر، فقال: { قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَٰرِى سَوْءَٰتِكُمْ }، يستر عوراتكم، واحدتها سوأة، سمّيت بها لأنه يسوء صاحبَها انكشافُها فلا تطوفوا عراةً، { وَرِيشًا }، يعني: مالاً في قول ابن عباس ومجاهد والضحاك والسدي، يُقال: تريش الرجل إذا تموّل، وقيل: الريش الجمال، أي: ما يتجملون به من الثياب، وقيل: هو اللباس.

{ وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ }، قرأ أهل المدينة وابن عامر والكسائي: { ولباس } بنصب السين عطفاً على قوله: { لباساً }، وقرأ الآخرون بالرفع على الابتداء وخبره { خير }، وجعلوا { ذلك } صلة في الكلام، وكذلك قرأ ابن مسعود وأُبيّ بن كعب: { ولباسُ التقوى خير }.

واختلفوا في { لباس التقوى }، قال قتادة والسدي: لباس التقوى هو الإيمان. وقال الحسن: هو الحياء لأنه يبعث على التقوى.

وقال عطية عن ابن عباس: هو العمل الصالح. وعن عثمان بن عفان أنه قال السَّمْتُ الحسن.

وقال عروة بن الزبير: لباس التقوى خشية الله. وقال الكلبي: هو العفاف. والمعنى: لباس التقوى خير لصاحبه إذا أخذ به مما خُلق له من اللباس للتجمل.

وقال ابن الأنباري: لباس التقوى هو اللباس الأول وإنما أعاده إخباراً أن ستر العورة خير من التعري في الطواف.

قال زيد بن علي: لباس التقوى الآلات التي يُتقى بها في الحرب كالدرع والمغفر والساعد والساقين.

وقيل: لباس التقوى هو الصوف والثياب الخشنة التي يلبسها أهل الورع. { ذَٰلِكَ مِنْ آيَـٰتِ ٱللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ }.