قوله عزّ وجلّ: { وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَـٰلِحًا }. وهو ثمود بن عابر بن أرم بن سام بن نوح، وأراد هاهنا القبيلة.
قال أبو عمرو بن العلاء: سُميت ثمود لقلّة مائها، والثمد: الماء القليل، فكانت مساكنهم الحِجْر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى { أَخَاهُمْ صَـٰلِحًا }، أي: أرسلنا إلى ثمود أخاهم في النسب لا في الدين، وهو صالح بن عبيد بن آسف بن ماسح بن عبيد بن خادر بن ثمود، { قَالَ يَـٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَآءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ }، حجة من ربكم على صدقي، { هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ }، أضافها إليه على التفضيل والتخصيص، كما يقال بيت الله، { لَكُمْ ءَايَةً }، نصب على الحال، { فَذَرُوهَا تَأْكُلْ }، العشب، { فِىۤ أَرْضِ ٱللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ }، لا تصيبوها بعقر، { فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }.
{ وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ }، أسكنكم وأنزلكم، { فِى ٱلأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ ٱلْجِبَالَ بُيُوتًا }، كانوا ينقبون في الجبال البيوت ففي الصيف يسكنون بيوت الطين، وفي الشتاء بيوت الجبال، وقيل: كانوا ينحتون البيوت في الجبل لأن بيوت الطين ما كانت تبقى مدة أعمارهم لطول أعمارهم، { فَٱذْكُرُوۤاْ ءَالآءَ ٱللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ }، والعيث: أشدّ الفساد.
{ قَالَ ٱلْمَلأُ }، قرأ ابن عامر: (وقالَ الملأ) بالواو، { ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ }، يعني: الأشراف والقادة الذين تعظموا عن الإيمان بصالح، { لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ }، يعني الأتباع، { لِمَنْ ءَامَنَ مِنْهُمْ }، يعني: قال الكفار للمؤمنين، { أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَـٰلِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ }، إليكم، { قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ }.