خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ يَخْلُقُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٤٥
لَّقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٤٦
وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ
٤٧
وَإِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ
٤٨
وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ يَأْتُوۤاْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ
٤٩
أَفِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَمِ ٱرْتَابُوۤاْ أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ
٥٠
-النور

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

هذه آية اعتبار، وقرأ حمزة والكسائي "والله خالق كل" على الإضافة، وقرأ الجمهور "والله خلق كل"، و "الدابة" كل من يدب من الحيوان أي تحرك منتقلاً أمامه قدماً، ويدخل فيه الطير إذ قد يدب ومنه قول الشاعر:

"دبيب قطا البطحاء في كل منهل"

ويدخل في الحوت وفي الحديث "دابة من البحر مثل الظرب" ، وقوله { من ماء } قال النقاش أراد أمنية الذكور، وقال جمهور النظرة أراد أن خلقة كل حيوان أن فيها ماء كما خلق آدم من الماء والطين، وعلى هذا يتخرج قول النبي عليه السلام للشيخ الذي سأل في غزاة بدر ممن أنتما؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم " نحن من ماء... " الحديث، و"المشي علي البطن" للحيات والحوت ونحوه من الدود وغيره، و"على الرجلين" للإِنسان والطير إذا مشى، و"الأربع" لسائر الحيوان، وفي مصحف أبي بن كعب "ومنهم من يمشي على أكثر" فعم بهذه الزيادة جميع الحيوان، ولكنه قرآن لم يثبته الإجماع، لكن قال النقاش: إنما اكتفى لقول بذكر ما { يمشي على أربع } عن ذكر ما يمشي على الأكثر لأن جميع الحيوان إنما اعتماده على أربع وهي قوام مشيه وكثرة الأرجل في بعضه زيادة في الخلقة لا يحتاج ذلك الحيوان في مشيه إلى جميعها.
قال القاضي أبو محمد : والظاهر أن تلك الأرجل الكثيرة ليست باطلاً بل هي محتاج إليها في تنقل الحيوان وفي كلها تتحرك في تصرفه وقوله { آيات مبينات } يعم كل ما نصب الله تعالى من آية وصنعه للعبرة وكل ما نص في كتابه من آية تنبيه وتذكير وأخبر تعالى أنه أنزل الآيات، ثم قيد الهداية إليها لأنها من قبله لبعض دون بعض، وقوله تعالى: { ويقولون آمنا بالله } الآية نزلت في المنافقين وسببها فيما روي أن رجلاً من المنافقين اسمه بشر كانت بينه وبين رجل من اليهود خصومة فدعاه اليهودي إلى التحاكم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان المنافق مبطلاً فأبى من ذلك ودعا اليهود إلى كعب بن الأشرف فنزلت هذه الآية فيه، وأسند الزهراوي عن الحسن بن أبي الحسن أنه قال من دعاه خصمه إلى حكم من حكام المسلمين فلم يجب فهو ظالم، و { مذعنين } أي مظهرين للانقياد والطاعة وهم إنما فعلوا ذلك حيث أيقنوا بالنجح وأما إذا طلبوا بحق فهم عنه { معرضون } ثم وقفهم تعالى على أسباب فعلهم توقيف توبيخ أي ليقروا مما يوبخ به أو مما يمدح به فهو بليغ جداً ومنه قول جرير

"ألستم خير من ركب المطايا"

البيت، ثم حكم عليهم بأنهم { هم الظالمون } وقال: { أن يحيف الله عليهم ورسوله } من حيث الرسول إنما يحكم بأمر الله وشرعه والميل الحيف.