خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ
٧٨
وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ
٧٩
وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ
٨٠
وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ
٨١
وَٱلَّذِيۤ أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ ٱلدِّينِ
٨٢
رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ
٨٣
وَٱجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي ٱلآخِرِينَ
٨٤
وَٱجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ ٱلنَّعِيمِ
٨٥
وَٱغْفِرْ لأَبِيۤ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ
٨٦
وَلاَ تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ
٨٧
-الشعراء

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

أتى إبراهيم عليه السلام في هذه الأوصاف التي وصف الله عز وجل بها بالصفات التي المتصف بها يستحق الألوهية وهي الأوصاف الفعلية التي تخص البشر، ومنها يجب أن يفهم ربه عز وجل وهذا حسن الأدب في العبارة، والكل من عند الله تعالى، وقوله { يطعمني ويسقين } تعديد للنعمة في الرزق، وقال أبو بكر الوراق في كتاب الثعلبي يطعمني بلا طعام ويسقيني بلا شراب، كما قال النبي عليه السلام "إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقين، وأسند إبراهيم المرض إلى نفسه والشفاء إلى الله عز وجل. وهذا حسن الأدب في العبارة والكل من عند الله تعالى، وهذا كقول الخضر عليه السلام: فأردت أن أعيبها. وقال جعفر الصادق إذا مرضت بالذنوب شفاني بالتوبة، وقرأ الجمهور هذه الأفعال "يهدين" بغير ياء، وقرأ نافع وابن أبي إسحاق "يهدين"، وكذلك ما بعده وأوقف عليه السلام نفسه على الطمع في المغفرة وهذا دليل على شدة خوفه مع منزلته وخلته، وقوله { خطيئتي }، ذهب فيه أكثر المفسرين إلى أنه أراد كذباته الثلاث، قوله هي أختي في شأن سارة، وقوله { { إني سقيم } [الصافات: 89]، وقوله { { بل فعله كبيرهم } [الأنبياء: 63]، وقالت فرقة أراد بــ"الخطيئة" اسم الجنس فدعا في كل أمره من غير تعيين.
قال القاضي أبو محمد: وهذا أظهر عندي لأن تلك الثلاث قد خرجها كثير من العلماء على المعارض، وهي وإن كانت كذبات بحكم قول النبي صلى الله عليه وسلم لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات، وبحكم ما في حديث الشفاعة من قوله في شأن إبراهيم نفسي نفسي فهي في مصالح وعون شرع وحق، وقرأ الجمهور "خطيئتي" بالإفراد، وقرأ الحسن "خطاياي" بالجمع، و"الحكم" الذي دعا فيه إبراهيم هو الحكمة والنبوة، ودعاء إبراهيم في مثل هذا هو في معنى التثبيت والدوام، و"لسان الصدق" في الآخرين هو الثناء وخلد المكانة بإجماع من المفسرين، وكذلك أجاب الله دعوته، فكل ملة تتمسك به وتعظمه وهو على الحنيفية التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم، قال مكي وقيل معنى سؤاله أن يكون من ذريته في آخر الزمان من يقوم بالحق فأجيبت الدعوة في محمد صلى الله عليه وسلم.
قال القاضي أبو محمد: وهذا معنى حسن إلا أن لفظ الآية لا يعطيه إلا بتحكم على اللفظ، واستغفاره لأبيه في هذه الآية هو قبل أن تبين له بموته على الكفر أنه عدو لله، أي محتوم عليه وهو عن الموعدة المذكورة في غير هذه الآية، وفي قراءة أبي بن كعب "واغفر لي ولأبوي إنهما كانا من الضالين".