خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى ٱسْتِحْيَآءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَآءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ ٱلْقَصَصَ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ
٢٥
قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يٰأَبَتِ ٱسْتَئْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَئْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ٱلأَمِينُ
٢٦
قَالَ إِنِّيۤ أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ
٢٧
-القصص

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

في هذا الموضع اختصار يدل عليه الظاهر قدره ابن إسحاق فذهبتا إلى أبيهما سريعتين وكانت عادتهما الإبطاء في السقي فحدثتاه بما كان من أمر الرجل الذي سقى لهما فأمر الكبرى من بنتيه، وقيل الصغرى، أن تدعوه له فجاءت على ما في هذه الآية، وروي أن اسم إحداهما ليا والأخرى شرفا، وروي أن اسم زوجة موسى منهما صفورة، وقيل إن اسمها صوريا، وقال وهب: زوجه الكبرى، وروي عن النبي عليه السلام أنه زوجه الصغرى، وذكره الثعلبي ومكي من طريق أبي ذر، وقال النقاش: ويقال كانتا توأمتين، وولدت الأولى قبل الأخرى بنصف نهار، وقوله { تمشي } حال من { إحداهما }، وقوله { على استحياء } أي خفرة قد سترت وجهها بكم درعها قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقال عمرو بن ميمون: لم تكن سلفعاً من النساء ولاجة خراجة، واختلف الناس في الرجل الداعي لموسى عليه السلام من هو، فقال الجمهور هو شعيب عليه السلام وهما ابنتاه، وقال الحسن: هو ابن أخي شعيب واسمه ثروان، وقال أبو عبيدة: يثرون، وقيل هو رجل صالح ليس من شعيب بنسب، وقيل إن المرأتين إنما كان مرسلهما عمهما وهو كان صاحب الغنم وهو المزوج ولكن عبر عن العم بالأب في جميع الأمر إذ هو بمثابته، وروي أن موسى عليه السلام لما جاءته بالرسالة أجاب فقام يتبعها إلى أبيها فهبت ريح ضمت قميصها إلى بدنها فوصفت عجيزتها فتحرج موسى من النظر إليها فقال لها ارجعي خلفي وأرشديني الطريق ففهمت عنه فذلك سبب وصفها له بالأمانة قاله ابن عباس، فوصل موسى عليه السلام إلى داعيه فقص عليه أمره من أوله إلى آخره فأنسه بقوله { لا تخف نجوت من القوم الظالمين } وكانت مدين خارجة عن مملكة فرعون.
فلما فرغ كلامهما قالت الابنة التي ذهبت عنه { يا أبت استأجره } الآية، فما وصفته بالقوة والأمانة قال لها أبوها ومن أين عرفت هذا منه؟ فقالت: أما قوته ففي رفع الصخرة وأما أمانته ففي تحرجه من النظر إليَّ وقت هبوب الريح، قاله ابن عباس وقتادة وابن زيد وغيرهم، فقال له عند ذلك الأب { إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتيَّ } قال ابن عباس فزوجه التي دعته، و"تأجر"، معناه تثيب وقال مكي في هذه الآية خصائص في النكاح منها أنه لم يعين الزوجة ولا حد أول الأمر وجعل المهر إجارة ودخل ولم ينقد شيئاً.
قال القاضي أبو محمد: أما التعيين فيشبه أنه كان في أثناء حال المراوضة وإنما عرض الأمر مجملاً وعين بعد ذلك، وأما ذكر أول المدة فليس في الآية ما يقتضي إسقاطه بل هو مسكوت عنه فإما رسماه، وإلا فهو من وقت العقد وإما النكاح بالإجارة فظاهر من الآية، وهذا أمر قد قرره شرعنا وجرى به في حديث الذي لم يكن عنده إلا شيء من القرآن، وذهب بعض العلماء إلى أن ذلك خاص، وبعضهم إلى أنه منسوخ، ولم يجوز مالكرحمه الله النكاح بالإجارة، وجوزها ابن حبيب وغيره إذا كانت الأجرة تصل إلى الزوجة قبل ومن لفظ شعيب عليه السلام حسن في لفظ العقود في النكاح، أنكحه إياها أكثر من أنكحها إياه وهذا معترض، وجعل شعيب "الثمانية الأعوام" شرطاً ووكل العامين إلى المروءة.