خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِيۤ أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي ٱلْقُرَىٰ إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ
٥٩
وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
٦٠
أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ
٦١
-القصص

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

إن كانت الإرادة بـ { القرى } المدن التي في عصر النبي صلى الله عليه وسلم فـ"أم القرى" مكة، وإن كانت الإرادة { القرى } بالإطلاق في كل زمن فـ { أمها } في هذا الموضع أعظمها وأفضلها الذي هو بمثابة مكة في عصر محمد صلى الله عليه وسلم، وإن كانت أم القرى كلها أيضاً من حيث هي أول ما خلق من الأرض ومن حيث فيها البيت، ومعنى الآية أن الله تعالى يقيم الحجة على عباده بالرسل فلا يعذب إلا بعد نذارة وبعد أن يتمادى أهل القرى في ظلم وطغيان، و"الظلم" هنا يجمع الكفر والمعاصي والتقصير في الجهاد وبالجملة وضع الباطل موضع الحق، ثم خاطب تعالى قريشاً محقراً لما كانوا يفخرون به من مال وبنين وغير ذلك من قوة لم تكن عند محمد صلى الله عليه وسلم ولا عند من آمن به فأخبر تعالى قريشاً أن ذلك متاع الدنيا الفاني وأن الآخرة وما فيها من النعم التي أعدها الله لهؤلاء المؤمنين { خير وأبقى }، ثم وبخهم بقوله تعالى: { أفلا تعقلون }، وقرأ الجمهور "أفلا يعقلون" بالياء، وقرأ أبو عمرو وحده بالتاء من فوق، وروي عنه بالياء، كذا قال أبو علي في الحجة، وذلك خلاف ما حكى أبو حاتم والناس، فإن نافعاً يقرأ بالتاء من فوق وهي قراءة الأعرج والحسن وعيسى، ثم زادهم توبيخاً بقوله { أفمن وعدناه وعداً حسناً } الآية، وقوله { أفمن وعدناه } يعم معناها جميع العالم لكن اختلف الناس فيمن نزلت، فقال مجاهد: الذي وعد الوعد الحسن هو محمد عليه السلام وضده أبو جهل، وقال مجاهد أيضاً: نزلت في حمزة وأبي جهل، وقيل في علي وأبي جهل، وقال قتادة: نزلت عامة في المؤمن والكافر كما معناها عام.
قال القاضي أبو محمد: ونزولها عام بين الاتساق بما قبله من توبيخ قريش، و { من المحضرين }، معناه في عذاب الله قاله مجاهد وقتادة، ولفظة { محضرين } مشيرة إلى سوق بجبر، وقرأ طلحة "أمن وعدناه" بغير فاء، وقرأ مسروق "أفمن وعدناه نعمة منا فهو لاقيها".