خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبْتِغَآؤُكُمْ مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ
٢٣
وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَيُحْيِي بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
٢٤
وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ ٱلأَرْضِ إِذَآ أَنتُمْ تَخْرُجُونَ
٢٥
-الروم

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

ذكر تعالى النوم { بالليل والنهار } وعرف النوم إنما هو بالليل وحده، ثم ذكر الابتغاء { من فضله } كأنه فيهما وإنما معنى ذلك أنه عم بالليل والنهار فسمى الزمان وقصد من ذلك تعديد آية النوم وتعديد آية ابتغاء الفضل فإنهما آيتان تكونان في ليل ونهار، والعرف يجيز كل واحدة من النعمتين أي محلها من الأغلب وقال بعض المفسرين في الكلام تقديم وتأخير.
قال الفقيه الإمام القاضي: وهذا ضعيف وإنما أراد أن يرتب النوم لليل والابتغاء للنهار ولفظ الآية لا يعطي ما أراد، وقوله تعالى: { يريكم } فعل مرتفع لما حذفت "أن" التي لو كانت لنصبته فلما حل الفعل محل الاسم أعرب بالرفع.
ومنه قول طرفة: [الطويل]

ألا أيها ذا الزاجري أحضر الوغى وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي

قال الرماني: وتحتمل الآية أن يكون التقدير { ومن آياته } آية { يريكم البرق } وحذفت الآية لدلالة من عليها ومنه قول الشاعر:

وما الدهر إلا تارتان فمنهما أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح

التقدير فمنها تارة أموت.
قال الفقيه الإمام القاضي: وهذا على أن { من } للتبعيض كسائر هذه الآيات، ويحتمل في هذه وحدها أن تكون { من } لابتداء الغاية فلا يحتاج إلى تقدير "أن" ولا إلى تقدير "آية"، وإنما يكون الفعل مخلصاً للاستقبال وقوله { خوفاً وطمعاً }، قال قتادة { خوفاً } للمسافر { وطمعاً } للمقيم.
قال الفقيه الإمام القاضي: ولا وجه لهذا التخصيص ونحوه بل فيه الخوف والطمع لكل بشر، قال الضحاك: الخوف من صواعقه والطمع في مطره، وقوله تعالى: { أن تقوم السماء والأرض } معناه تثبت، كقوله تعالى
{ { وإذا أظلم عليهم قاموا } [البقرة: 20] وهذا كثير، وقيل هو فعل مستقبل أحله محل الماضي ليعطي فيه معنى الدوام الذي هو في المستقبل، والدعوة من الأرض هي البعث و { من الأرض } حال للمخاطبين كأنه قال: خارجين من الأرض، ويجوز أن يكون { من الأرض } صفة للدعوة.
قال الفقيه الإمام القاضي: و { من }، عندي ها هنا لانتهاء الغاية كما تقول دعوتك من الجبل إذا كان المدعو في الجبل، والوقف في هذه الآية عند نافع ويعقوب الحضرمي على { دعوة }، والمعنى بعد إذا أنتم تخرجون من الأرض، وهذا على أن { من } لابتداء الغاية، والوقف عند أبي حاتم على قوله { من الأرض }، وهذا على أن { من } لانتهاء الغاية، قال مكي: والأحسن عند أهل النظر أو الوقف في آخر الآية لأن مذهب الخليل وسيبويه في { إذا } الثانية أنها جواب الأولى كأنه قال: ثم إذا دعاكم خرجتم وهذا أسدّ الأقوال.
وقرأ حمزة والكسائي "تَخرجون" بفتح التاء، وقرأ الباقون "تُخرجون" بضم التاء.