خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱلْفُلْكَ تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِنِعْمَتِ ٱللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ
٣١
وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَّوْجٌ كَٱلظُّلَلِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ
٣٢
-لقمان

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

الرؤية في قوله { ألم تر } رؤية العين يتركب عليها النظر والاعتبار، والمخاطب محمد صلى الله عليه وسلم والمراد الناس أجمع، و { الفلك } جمع وواحد بلفظ واحد، وقرأ موسى بن الزبير "الفلُك" بضم اللام، وقوله { بنعمة الله } يحتمل أن يريد ما تحمله السفن من الطعام والأرزاق والتجارات، فالباء للأرزاق، ويحتمل أن يريد الريح وتسخير الله البحر ونحو هذا، فالباء باء السبب، وقرأ الجمهور "بنعمة"، وقرأ الأعرج ويحيى بن يعمر "بنعمات" على الجمع، وقرأ ابن أبي عبلة "بنَعِمات" بفتح النون وكسر العين، وذكر تعالى من صفة المؤمن "الصبار" و "الشكور" لأنهما عظم أخلاقه الصبر على الطاعات وعلى النوائب وعلى الشهوات، والشكر على الضراء والسراء، وقال الشعبي الصبر نصف الإيمان والشكر نصفه الآخر، واليقين الإيمان كله. و"غشي" غطى، أو قارب، و"الظلل" السحاب، وقرأ محمد بن الحنفية "الظلال" ومنه قول النابغة الجعدي يصف البحر: [الوافر]

يماشيهن أخضر ذو ظلال على حافاته فلق الدنان

ووصف تعالى في هذه الآية حالة البشر الذين لا يعتبرون حق العبرة، والقصد بالآية تبيين آية تشهد العقول بأن الأوثان والأصنام لا شرك لها فيه ولا مدخل وقوله تعالى: { فمنهم مقتصد } قال الحسن منهم مؤمن يعرف حق الله تعالى في هذه النعم.
وقال مجاهد: يريد { فمنهم مقتصد } على كفره أي منهم من يسلم الله ويفهم نحو هذا من القدرة وإن ضل في الأصنام من جهة أنه يعظمها بسيرته ونشأته، والختّار القبيح الغدر وذلك أن نعم الله تعالى على العباد كأنها عهود ومنن يلزم عنها أداء شكرها فمن كفر ذلك وجحد به فكأنه ختر وخان، ومن "الختر" قول عمرو بن معدي كرب: [الوافر]

وإنك لو رأيت أبا عمير ملأت يديك من غدر وختر

وقال الحسن: "الختار" هو الغدار، و { كفور } بناء مبالغة.