خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نَرَىٰ رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ ٱلأَشْرَارِ
٦٢
أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَار
٦٣
إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ
٦٤
قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ
٦٥
رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّارُ
٦٦

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

الضمير في: { قالوا } لأشراف الكفار ورؤسائهم، أخبر الله عنهم أنهم يتذكرون إذا دخلوا النار لقوم من مستضعفي المؤمنين فيقولون هذه المقالة، وهذا مطرد في كل أمة جاءها رسول. وروي أن القائلين من كفار عصر النبي عليه السلام هم أبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وأهل القليب ومن جرى مجراهم، قاله مجاهد وغيره، والمعنى: كنا نعدهم في الدنيا أشراراً لا خلاق لهم، وأمال الراء { من الأشرار }: أبو عمرو وابن عامر والكسائي، وفتحها ابن كثير وعاصم، وأشم نافع وحمزة.
وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي: { أتخذناهم سخرياً } بألف الاستفهام، ومعناها: تقرير أنفسهم على هذا على جهة التوبيخ لها والأسف، أي أتخذناهم سخرياً ولم يكونوا كذلك، واستبعد معنى هذه القراءة أبو علي. وقرأ نافع وحمزة والكسائي: "سُخريا" بضم السين، وهي قراءة الأعرج وشيبة وأبي جعفر وابن مسعود وأصحابه ومجاهد والضحاك، ومعناها: من السخرة والاستخدام. وقرأ الباقون: "سِخرياً" بكسر السين وهي قراءة الحسن وأبي رجاء وعيسى وابن محيصن ومعناها المشهور من السخر الذي هو الهزء، ومنه قول الشاعر [عامر بن الحارث]: [البسيط]

إني أتاني لسان لا أسر بها من علو لا كذب فيها ولا سخر

وقالت فرقة يكون كسر السين من التسخير.
و { أم } في قولهم: { أم زاغت } معادلة لـ { ما } في قولهم: { ما لنا لا نرى } وذلك أنها قد تعادل { ما }، وتعادل من، وأنكر بعض النحويين هذا، وقال: إنها لا تعادل إلا الألف فقط. والتقدير في هذه الآية: أمفقودون هم أم زاغت؟ ومعنى هذا الكلام: أليسوا معنا أم هم معنا؟ ولكن أبصرنا تميل عنهم فلا تراهم، والزيغ: الميل.
ثم أخبر الله تعالى نبيه بقوله: { إن ذلك لحق تخاصم أهل النار } و: { تخاصم } بدل من قوله: { لحق }.
وقرأ ابن أبي عبلة: "تخاصمَ" بفتح الميم. وقرأ ابن محيصن: "تخاصمٌ" بالتنوين "أهلُ النار" برفع اللام.
ثم أمر نبيه أن يتجرد للكفار من جيمع الأغراض، إلا أنه منذر لهم، وهذا توعد بليغ محرك للنفوس، وباقي الآية بين.