خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَلِذَلِكَ فَٱدْعُ وَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ
١٥
وَٱلَّذِينَ يُحَآجُّونَ فِي ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ٱسَتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ
١٦
-الشورى

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

اللام في قوله: { فلذلك } قالت فرقة: هي بمنزلة إلى، كما قال تعالى: { { بأن ربك أوحى لها } [الزلزلة: 5] أي إليها، كأنه قال: فإلى ما وصى به الأنبياء من التوحيد { فادع }، وقالت فرقة: بل هي بمعنى من أجل كأنه قال: فمن أجل أن الأمر كذا ولكونه كذا { فادع } أنت إلى ربك وبلغ ما أرسلت به. وخوطب عليه السلام بأمر الاستقامة، وقد كان مستقيماً، بمعنى: دم على استقامتك، وهكذا الشأن في كل مأمور بشيء هو متلبس به إنما معناه الدوام، وهذه الآية ونحوها كانت نصب عين النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت شديدة الموقع من نفسه، أعني قوله تعالى: { { فاستقم كما أمرت } [هود: 112] لأنها جملة تحتها جميع الطاعات وتكاليف النبوءة، وفي هذا المعنى قال عليه السلام: "شيبتني هود وأخواتها، فقيل له: لم ذلك؟ فقال: لأن فيها { فاستقم كما أمرت } [هود: 112]" وهذا الخطاب له عليه السلام بحسب قوته في أمر الله تعالى وقال هو لأمته بحسب ضعفهم استقيموا.
وقوله تعالى: { ولا تتبع أهواءهم } يعني قريشاً فيما كانوا يهوونه من أن يعظم آلهتهم وغير ذلك، ثم أمره تعالى أن يؤمن بالكتب المنزلة قبله من عند الله، وهو أمر يعم سائر أمته.
وقوله تعالى: { وأمرت لأعدل بينكم } قالت فرقة: اللام في { لأعدل } بمعنى: أن، التقدير: بأن أعدل بينكم. وقالت فرقة المعنى: وأمرت بما أمرت به من التبليغ والشرع لكي أعدل بينكم، فحذف من الكلام ما يدل الظاهر عليه.
وقوله: { لنا أعمالنا ولكم أعمالكم } إلى آخر الآية منسوخ ما فيه من موادعة بآية السيف.
وقوله: { لا حجة بيننا وبينكم } أي لا جدال ولا مناظرة، قد وضح الحق وأنتم تعاندون، وفي قوله تعالى: { الله يجمع بيننا } وعيد.
وقوله: { والذين يحاجون في الله } قال ابن عباس ومجاهد إنها نزلت في طائفة من بني إسرائيل همت برد الناس عن الإسلام وإضلالهم ومجادلتهم بأن قالوا: كتابنا قبل كتابكم، ونبينا قبل نبيكم، فديننا أفضل، فنزلت الآية في ذلك، وقيل بل نزلت في قريش لأنها كانت أبداً تحاول هذا المعنى وتطمع في رد الجاهلية و: { يحاجون في الله } معناه في توحيد الله، أي يحاجون فيه بالإبطال والإلحاد وما أشبه، والضمير في: { له } يحتمل أن يعود على { الله } تعالى، أي بعد ما دخل في دينه، ويحتمل أن يعود على الدين والشرع، ويحتمل أن يعود على محمد عليه السلام. و: { داحضة } معناه: زاهقة. والدحض: الزلق، وباقي الآية بيّن.