خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

حـمۤ
١
عۤسۤقۤ
٢
كَذَلِكَ يُوحِيۤ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٣
لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلعَظِيمُ
٤
تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَٱلْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي ٱلأَرْضِ أَلاَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ
٥
-الشورى

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

فصلت: { حم } من: { عسق }، ولم يفعل ذلك بـ { { كهيعص } [مريم: 1] لتجري هذه مجرى الحواميم أخواتها.
وقرأ الجمهور: "حم عسق". وقرأ ابن مسعود وابن عباس: "حم سق" بسقوط عين، والأقوال في هذه كالأقوال في أوائل السور. وروى حذيفة في هذا حديثاً مضمنه: أنه سيكون في هذه الأمة مدينتان يشقهما نهر بالمشرق، تهلك إحداهما ليلاً ثم تصبح الأخرى سالمة، فيجتمع فيها جبابرة المدينتين متعجبين من سلامتها، فتهلك من الليلة القابلة، وأن { حم } معناه: حم هذه الأمر. وعين: معناه عدلاً من الله. وسين: سيكون ذلك. وقاف: معناه يقع ذلك بهم. وروي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يستفيد علم الفتن والحروب من هذه الأحرف التي في أوائل السور. والكاف في قوله: { كذلك } نعت لمصدر محذوف، والإشارة بذلك تختلف بحسب الأقوال في الحروف.
وقرأ جمهور القراء: "يوحي" بالياء على إسناد الفعل إلى الله تعالى، وهي قراءة الحسن والأعرج وأبي جعفر والجحدري وعيسى وطلحة والأعمش. وقرأ أبو حيوة والأعشى عن أبي بكر عن عاصم: "نوحي": بنون العظمة، ويكون قوله: { الله } ابتداء وخبره: { العزيز } ويحتمل أن يكون خبره: { له ما في السماوات }. وقرأ ابن كثير وحده: "يوحَى" بالياء وفتح الحاء على بناء الفعل للمفعول، وهي قراءة مجاهد، والتقدير: يوحى إليك القرآن يوحيه الله، وكما قال الشاعر:

ليبك يزيد ضارع لخصومة

ومنه قوله تعالى: { { يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال } [النور: 36].
وقوله تعالى: { وإلى الذين من قبلك } يريد من الأنبياء الذين نزلت عليهم الكتب.
وقوله تعالى: { له ما في السماوات } أي الملك والخلق والاختراع. و: { العلي } من علو القدر والسلطان. و: { العظيم } كذلك، وليس بعلو مسافة ولا عظم جرم، تعالى الله عن ذلك وقرأ نافع والكسائي: "يكاد" بالياء. وقرأ ابن كثير وابن عامر وحمزة وأبو عمرو وعاصم: "تكاد" بالتاء. وقرأ ابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي ونافع وابن عباس وأبو جعفر وشيبة وقتادة: "يتفطرون" من التفطر، وهو مطاوع فطرت. وقرأ أبو عمرو وعاصم والحسن والأعرج وأبو رجاء والجحدري: "ينفطرون" من الإفطار وهو مطاوع فطر، والمعنى فيهما: يتصدعن ويتشققن من سرعة جريهن خضوعاً وخشية من سلطان الله تعالى وتعظيماً له وطاعة، وما وقع للمفسرين هنا من ذكر الثقل ونحوه مردود، لأن الله تعالى لا يوصف به.
وقوله: { من فوقهن } أي من أعلاهن. وقال الأخفش علي بن سليمان: الضمير للكفار.
قال القاضي أبو محمد: المعنى من فوق الفرق والجماعات الملحدة التي من أجل أقوالها تكاد السماوات يتفطرن، فهذه الآية على هذا كالآية التي في:
{ { كهيعص } [مريم: 1]. وقالت فرقة معناه: من فوق الأرضين، إذ قد جرى ذكر الأرض، وذكر الزجاج أنه قرئ "يتفطرن ممن فوقهن".
وقوله تعالى: { يسبحون بحمد ربهم } قيل معناه: يقولون سبحان الله، وقيل معناه: يصلون لربهم.
وقوله تعالى: { ويستغفرون لمن في الأرض } قالت فرقة: هذا منسوخ بقوله تعالى: في آية أخرى:
{ { ويستغفرون للذين آمنوا } [غافر: 7] وهذا قول ضعيف، لأن النسخ في الإخبار لا يتصور. وقال السدي ما معناه: إن ظاهر الآية العموم ومعناها الخصوص في المؤمن، فكأنه قال: { ويستغفرون لمن في الأرض } من المؤمنين، إذ الكفار عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. وقالت فرقة: بل هي على عمومها، لكن استغفار الملائكة ليس بطلب غفران الله تعالى للكفرة على أن يبقوا كفرة، وإنما استغفارهم لهم بمعنى طلب الهداية التي تؤدي إلى الغفران لهم، وكأن الملائكة تقول: اللهم اهد أهل الأرض واغفر لهم. ويؤيد هذا التأويل تأكيده صفة الغفران والرحمة لنفسه بالاستفتاح، وذلك قوله: { ألا إن الله هو الغفور الرحيم } أي لما كان الاستغفار لجميع من في الأرض يبعد أن يجاب، رجا عز وجل بأن استفتح الكلام تهيئة لنفس السامع فقال: { ألا إن الله } هو الذي يطلب هذا منه، إذ هذه أوصافه، وهو أهل المغفرة.