خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَٱسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ
١٠
وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَـٰذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ
١١
-الأحقاف

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

هذه الآية توقيف على الخطر العظيم الذي هم بسبيله في أن يكذبوا بأمر نافع لهم منج من العذاب دون حجة ولا دليل لهم على التكذيب، فالمعنى كيف حالكم مع الله، وماذا تنتظرون منه وأنتم قد كفرتم بما جاء من عنده، وجواب هذا التوقيف محذوف تقديره: أليس قد ظلمتم، ودل على هذا المقدار قوله تعالى: { إن الله لا يهدي القوم الظالمين } و: { أرأيتم } في هذه الآية يحتمل أن تكون منبهة، فهي لفظ موضوع للسؤال لا يقتضي مفعولاً، ويحتمل أن تكون الجملة { كان } وما عملت فيه تسد مسد مفعوليها.
واختلف الناس في المراد بـ { الشاهد } فقال الحسن ومجاهد وابن سيرين: هذه الآية مدنية، والشاهد عبد الله بن سلام. وقوله: { على مثله } الضمير فيه عائد على قول محمد عليه السلام في القرآن أنه من عند الله. وقال الشعبي: الشاهد رجل من بني إسرائيل غير عبد الله بن سلام كان بمكة، والآية مكية.
وقال سعد بن أبي وقاص ومجاهد وفرقة: الآية مكية، والشاهد عبد الله بن سلام، وهي من الآيات التي تضمنت غيباً أبرزه الوجود، وقد روي عن عبد الله بن سلام أنه قال: فيَّ نزلت. وقال مسروق بن الأجدع والجمهور: الشاهد موسى بن عمران عليه السلام، والآية مكية، ورجحه الطبري.
وقوله: { على مثله } يريد بالمثل: التوراة، والضمير عائد في هذا التأويل على القرآن، أي جاء شاهد من بني إسرائيل بمثله وشهد أنه من عند الله تعالى.
وقوله: { فآمن } على هذا التأويل، يعني به تصديق موسى بأمر محمد وتبشيره به، فذلك إيمان به، وأما من قال: الشاهد عبد الله بن سلام، فإيمانه بين، وكذلك إيمان الإسرائيلي الذي كان بمكة في قول من قاله، وحكى بعضهم أن الفاعل بـ "آمن"، هو محمد عليه السلام، وهذا من القائلين بأن الشاهد هو موسى بن عمران عليه السلام، وإنما اضطر إلى هذا لأنه لم ير وجه إيمان موسى عليه السلام، ثم قرر تعالى استكبارهم وكفرهم بإيمان هذا المذكور، فبان ذنبهم وخطؤهم.
وقوله تعالى: { وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه } قال قتادة: هي مقالة قريش، يريدون عماراً وصهيباً وبلالاً ونحوهم ممن أسلم وآمن بالنبي عليه السلام. وقال الزجاج والكلبي وغيره: هي مقالة كنانة وعامر وسائر قبائل العرب المجاورة، قالت ذلك حين أسلمت غفار ومزينة وجهينة. وقال الثعلبي: هي مقالة اليهود حين أسلم ابن سلام وغيره منهم. والإفك: الكذب، ووصفوه بالقدم، بمعنى أنه في أمور متقادمة، وهذا كما تقول لرجل حدثك عن أخبار كسرى وقيصر، هذا حديث قديم، ويحتمل أن يريدوا أنه إفك قيل قديماً.