قوله تعالى: {فلما ذهب عن إِبراهيم الرَّوْعُ} يعني الفَزَع الذي أصابه حين امتنعوا من الأكل. {يجادلنا} فيه إِضمار أخذ وأقبل يجادلنا، والمراد: يجادل رسلنا.
قال المفسرون: لما قالوا له:
{ إِنا مهلكوا أهل هذه القرية } [العنكبوت 31]، قال: أتهلكون قرية فيها مائة مؤمن؟ قالوا: لا. قال: أتهلكون قرية فيها خمسون مؤمناً؟ قالوا: لا. قال: أربعون؟ قالوا: لا. فما زال ينقص حتى قال: فواحد؟ قالوا: لا. فقال حينئذ: { إِن فيها لوطا، قالوا نحن أعلم بمن فيها } [العنكبوت 31]، هذا قول ابن إِسحاق. وقال غيره: قيل له: إِن كان فيهم خمسة لم نعذِّبْهم، فما كان فيهم سوى لوط وابنتيه. وقال سعيد بن جبير: قال لهم: أتهلكون قرية فيها أربعة عشر مؤمناً؟ قالوا: لا؛ وكان إِبراهيم يَعُدُّهم أربعة عشر مع امرأة لوط، فسكتَ واطمأنَّتْ نفسه؛ وإِنما كانوا ثلاثة عشر فأُهلكوا. قوله تعالى: {إِن إِبراهيم لحليم أَوَّاهٌ} قد فسرناه في [براءة 114]. فعند ذلك قالت الرسل لإِبراهيم: {يا إِبراهيم أعرض عن هذا} يعنون الجدال. {إِنه قد جاء أمر ربك} بعذابهم. وقيل: قد جاء عذاب ربك، فليس بمردود، لأن الله قد قضى به.