خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَعَلَىٰ ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ
٩
هُوَ ٱلَّذِي أَنْزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَآءً لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ
١٠
يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ ٱلزَّرْعَ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلنَّخِيلَ وَٱلأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
١١
-النحل

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { وعلى الله قصد السبيل } القصد: استقامة الطريق، يقال: طريق قصد وقاصد: إِذا قصد بك ما تريد. قال الزجاج: المعنى: وعلى الله تبيين الطريق المستقيم، والدعاء إِليه بالحجج والبرهان.

قوله تعالى: { ومنها جائر } قال أبو عبيدة: السبيل لفظه لفظ الواحد، وهو في موضع الجميع، فكأنه قال: ومن السبل سبيل جائر. قال ابن الأنباري: لما ذكر السبيل، دلّ على السبل. فلذلك قال: { ومنها جائر } كما دل الحَدَثان على الحوادث في قول العبدي:

وَلاَ يَبْقَى عَلَى الحَدَثَانِ حَيّ فَهَلْ يَبْقَى عليهِنَّ السِّلامُ

أراد: فهل يبقى على الحوادث، والسِّلام: الصخور، قال ويجوز أن يكون إِنما قال: { ومنها }، لأن السبيل تؤنث وتذكَّر، فالمعنى: من السبيل جائر. وقال ابن قتيبة: المعنى: ومن الطُّرق جائر لا يهتدون فيه، والجائر: العادل عن القصد، قال ابن عباس: ومنها جائر الأهواء المختلفة. وقال ابن المبارك: الأهواء والبدع.

قوله تعالى: { هو الذي أنزل من السماء ماءً } يعني: المطر { لكم منه شراب } وهو ما تشربونه، { ومنه شجر } ذكر ابن الأنباري في معناه قولين:

أحدهما: ومنه سَقي شجر، وشرب شجر، فخلف المضافُ إِليه المضافَ، كقوله: { { وأُشربوا في قلوبهم العجل } [البقرة 93].

والثاني: أن المعنى: ومن جهة الماء شجر، ومن سقيه شجر، ومن ناحيته شجر، فحُذف الأول، وخلَفه الثاني، قال زهير:

لِمَنِ الدِّيارُ بِقُنَّةِ الحِجْرِ أَقْوَيْنَ من حِجَجٍ وَمِنْ شَهْرِ

أي: من ممرِّ حجج. قال ابن قتيبة: والمراد بهذه الشجر: المرعى. وقال الزجاج: كل ما نبت على الأرض فهو شجر، قال الشاعر يصف الخيل:

يَعْلِفُهَا الَّلحْمَ إِذا عَزَّ الشَّجَرْ وَالخَيْلُ في إِطعَامها الَّلحْمَ ضَرَرْ

يعني: أنهم يسقون الخيل اللبن إِذا أجدبت الأرض. و { تُسيمون } بمعنى: تَرعَون، يقال: سامت الإِبل فهي سائمة: إِذا رعت، وإِنما أخذ ذلك من السُّومة، وهي: العلامة، وتأويلها: أنها تؤثر في الأرض برعيها علامات.

قوله تعالى: { يُنبت لكم به الزرع } وروى أبو بكر عن عاصم: «ننبت» بالنون. قال ابن عباس: يريد الحبوب، وما بعد هذا ظاهر إِلى قوله تعالى: { والنجومُ مسخراتٌ بأمره } قال الأخفش: المعنى: وجعلَ النجوم مسخراتٍ، فجاز إِضمار فعل غير الأول، لأن هذا المضمر، في المعنى مثل المُظَهر، وقد تفعل العرب أَشدَّ من هذا، قال الراجز:

تَسْمَعُ في أجوافِهِنَّ صَرَدَا وفي اليَديْنِ جُسْأَةً وَبَدَدَا

المعنى: وترى في اليدين. والجُسأة: اليبس. والبَدَد: السَّعة. وقال غيره: قوله تعالى: { مسخرات } حال مؤكدة، لأن تسخيرها قد عرف بقوله تعالى: { وسخر }. وقرأ ابن عامر: والشمسُ والقمرُ والنجومُ مسخراتٌ، رفعاً كله، وروى حفص عن عاصم: بالنصب، كالجمهور، إِلاّ قوله تعالى: { والنجومُ مسخراتٌ } فإنه رفعها.