خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ ٱلْسُّوۤءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
٩٤
وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّمَا عِنْدَ ٱللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
٩٥
مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوۤاْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٩٦
-النحل

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { ولا تتخذوا أَيْمانكم دَخَلا } هذا استئناف للنهي عن أيمان الخديعة. { فَتَزِلَّ قَدَمٌ بعد ثبوتها } قال أبو عبيدة: هذا مَثَل يقال لكل مبتَلَىً بعد عافية، أو ساقط في ورطة بعد سلامة: زلّت به قَدَمه. قال مقاتل: ناقض العهد يَزِلُّ في دينه كما تَزِلُّ قَدم الرَّجُل بعد الاستقامة. قال المفسرون: وهذا نهي للذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإِسلام ونصرة الدين عن نقض العهد، ويدل عليه قوله يتعالى: { وتذوقوا السوء } يعني: العقوبة { بما صددتم عن سبيل الله } يريد أنهم إِذا نقضوا عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، صدَّوا الناس عن الإِسلام، فاستحقُّوا العذاب.

وقوله تعالى: { ولكم عذاب عظيم } يعني: في الآخرة. ثم أكد ذلك بقوله: { ولا تشتروا بعهد الله ثمناً قليلاً } قال أبو صالح عن ابن عباس: نزلت في رجُلين اختصما إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض، يقال لأحدهما «عِيدان بن أشوع» وهو صاحب الأرض، وللآخر: «امرؤ القيس» وهو المدعى عليه، فهمّ امرؤ القيس أن يحلف، فأخَّره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية. وذكر أبو بكر الخطيب أن اسم صاحب الأرض «ربيعة بن عبْدان» وقيل: «عَيدان»، بفتح العين وياء معجمه باثنتين. ومعنى الآية: لاتنقضوا عهودكم، تطلبون بنقضها عَرَضاً يسيراً من الدنيا، إِن ما عندالله من الثواب على الوفاء هو خير لكم من العاجل.

{ ما عندكم ينفد } أي: يفنى { وما عند الله } في الآخرة { باقٍ } وقف بالياء ابن كثير في رواية عنه، ولا خلاف في حذفها في الوصل. { ولَنَجْزِيَنَّ الذين صبروا } قرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: «ولَيَجْزِيَنَّ» بالياء. وقرأ ابن كثير، وعاصم: «ولَنَجْزِيَنَّ» بالنون.

ولم يختلفوا في { ولَنَجْزِيَنَّهم أجرهم } أنها بالنون، ومعنى هذه الآية: وليَجْزِيَنَّ الذين صبروا على أمره أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون في الدنيا، ويتجاوز عن سيئاتهم.