خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً
١٦
وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً
١٧
-الإسراء

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { وإِذا أردنا أن نُهلِك قرية } في سبب إِرادته لذلك قولان.

أحدهما: ما سبق لهم في قضائه من الشقاء. والثاني: عنادهم الأنبياء وتكذيبهم إِياهم.

قوله تعالى: { أمرنا مترفيها } قرأ الأكثرون: «أَمرْنَا» مخففة، على وزن «فَعَلْنا»، وفيها ثلاثة أقوال.

أحدها: أنه من الأمر، وفي الكلام إِضمار، تقديره: أمرنا مترفيها بالطاعة، ففسقوا، هذا مذهب سعيد بن جبير. قال الزجاج: ومثله في الكلام: أمرتك فعصيتني، فقد علم أن المعصية مخالفة الأمر.

والثاني: «كثَّرنا» يقال: أمرت الشيء وآمرته، أي: كثَّرته، ومنه قولهم: مُهرَةٌ مأمورةٌ، أي: كثيرة النِّتاج، يقال: أَمِر بنو فلان يأمَرون أمراً: إِذا كثروا، هذا قول أبي عبيدة، وابن قتيبة.

والثالث: أن معنى «أَمَرْنَا»: أمَّرْنا، يقال: أَمرت الرجل، بمعنى: أمَّرته، والمعنى: سلَّطنا مترفيها بالإِمارة، ذكره ابن الأنباري. وروى خارجة عن نافع: «آمرنا» ممدودة، مثل «آمنّا»، وكذلك روى حماد بن سلمة عن ابن كثير، وهي قراءة ابن عباس، وأبي الدرداء، وأبي رزين، والحسن، والضحاك، ويعقوب. قال ابن قتيبة: وهي اللغة العالية المشهورة، ومعناه: كثَّرنا، أيضاً. وروى ابن مجاهد أن أبا عمرو قرأ: «أمَّرْنَا» مشددة الميم، وهي رواية أبان عن عاصم، وهي قراءة أبي العالية، والنخعي والجحدري. قال ابن قتيبة: المعنى: جعلناهم أُمراءَ. وقرأ أبو المتوكل، وأبو الجوزاء، وابن يعمر: «أَمِرْنا» بفتح الهمزة مكسورة الميم مخففة. فأما المترَفون، فهم المتنعّمون الذين قد أبطرتهم النعمة وسَعة العيش، والمفسرون يقولون: هم الجبَّارون والمسلَّطون والملوك، وإِنما خص المترَفين بالذكر، لأنهم الرؤساء، ومَن عداهم تبع لهم.

قوله تعالى: { ففسقوا فيها } أي: تمردوا في كفرهم، لأن الفسق في الكفر: الخروج إِلى أفحشه. وقد شرحنا معنى «الفسق» في [البقرة: 26، 197].

قوله تعالى: { فحق عليها القول } قال مقاتل: وجب عليها العذاب. وقد ذكرنا معنى «التدمير» في [الأعراف: 137]. قوله تعالى: { وكم أهلكنا من القرون } وهو جمع قَرن. وقد ذكرنا اختلاف الناس فيه في [الأنعام: 6]، وشرحنا معنى «الخبير» و«البصير» في (البقرة). قال مقاتل: وهذه الآية تخويف لأهل مكة.