خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً
٥٤
وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُواْ رَبَّهُمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ قُبُلاً
٥٥
-الكهف

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { ولقد صَرَّفْنا في هذا القرآن } قد فسرناه في [بني إِسرائيل:41].

قوله تعالى: { وكان الإِنسان أكثر شيء جدلاً } فيمن نزلت قولان.

أحدهما: أنه النَّضْر بن الحارث، وكان جِداله في القرآن، قاله ابن عباس.

والثاني: أُبيّ بن خلف، وكان جِداله في البعث حين أتى بعظم قد رَمَّ، فقال: أيقدر الله على إِعادة هذا؟! قاله ابن السائب. قال الزجاج: كل ما يعقل من الملائكة والجن يجادل، والإِنسان أكثر هذه الأشياء جدلاً.

قوله تعالى: { وما منع الناسَ أن يؤمنوا } قال المفسرون: يعني: أهل مكة { إِذ جاءهم الهدى } وهو: محمد صلى الله عليه وسلم، والقرآن، والإِسلام { إِلا أن تأتيَهم سُنَّةُ الأوَّلِين } وهو: أنهم إِذا لم يؤمنوا عذِّبوا.

وفي معنى الكلام ثلاثة أقوال.

أحدها: ما منعهم من الإيمان إِلا طلب أن تأتيهم سُنَّة الأولين، قاله الزجاج.

والثاني: وما منع الشيطانُ الناس أن يؤمنوا إِلا لأَن تأتيهم سُنَّة الأولين، أي: منعهم رُشْدَهُم لكي يقع العذاب بهم، ذكره ابن الأنباري.

والثالث: ما منعهم إِلا أنِّي قد قدَّرت عليهم العذاب. وهذه الآية فيمن قُتل ببدر وأُحُد من المشركين، قاله الواحدي.

قوله تعالى: { أو يأتيَهم العذاب } ذكر ابن الأنباري في «أو» [هاهنا] ثلاثة أقوال.

أحدها: أنها بمعنى الواو.

والثاني: أنها لوقوع أحد الشيئين، إِذ لا فائدة في بيانه.

والثالث أنها دخلت للتبعيض، أي: أن بعضهم يقع به هذا، وهذه الأقوال الثلاثة قد أسلفنا بيانها في قوله عز وجل: { { أو كصيِّب من السماء } [البقرة: 19].

قوله تعالى: { قُبُلاً } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: «قِبَلاً» بكسر القاف وفتح الباء. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: «قُبُلاً» بضم القاف والباء. وقد بيَّنّا عِلَّة القراءتين في [الأنعام: 111]. وقرأ أُبيّ ابن كعب، وابن مسْعود: «قَبِيلاً» بوزن فَعِيل. وقرأ أبو الجوزاء، وأبو المتوكل «قَبَلاً» بفتح القاف من غير ياء، قال ابن قتيبة: أراد استئنافاً.

فإن قيل: إِذا كان المراد بسُنَّة الأولين العذاب، فما فائدة التكرار بقوله: { أو يأتيَهم العذاب }؟

فالجواب: أن سُنَّة الأولين أفادت عذاباً مبهماً يمكن أن يتراخى وقته، وتختلف أنواعه، وإِتيان العذاب قُبُلاً أفاد القتل يوم بدر. قال مقاتل: «سُنَّة الأولين»: عذاب الأمم السالفة؛ «أو يأتيَهم العذاب قِبَلاً»، أي: عِياناً قتلاً بالسيف يوم بدر.