قوله تعالى: { ألم تر إِلى الذي حاج إِبراهيم في ربه } قد سبق معنى: { ألم تر }. وحاجّ: بمعنى خاصم، وهو نمروذ في قول الجماعة. قال ابن عباس: ملك الأرض شرقها وغربها؛ مؤمنان، وكافران؛ فالمؤمنان سليمان بن داود، وذو القرنين. والكافران: نمروذ، وبختنصر. قال ابن قتيبة: معنى الآية: حاجَّ إبراهيم، لأن الله آتاه الملك، فأعجب بنفسه [وملكه].
قوله تعالى: { إِذ قال إبراهيم ربيَ الذي يحيي ويميت } قال بعضهم: هذا جواب سؤال سابق غير مذكور، تقديره: أنه قال له: من ربك؟ فقال: ربي الذي يحيي ويميت. قال نمروذ: أنا أحيي وأميت. قال ابن عباس: يقول: أترك من شئت، وأقتل من شئت. فإن قيل: لم انتقل إبراهيم إلى حجة أخرى، وعدل عن نصرة الأولى، فالجواب: أن إبراهيم رأى من فساد معارضته أمراً على ضعف فهمه، فإنه عارض اللفظ بمثله، ونسي اختلاف الفعلين، فانتقل إلى حجة أخرى، قصداً لقطع المحاجّ، لا عجزاً عن نصرة الأولى.
قوله تعالى: { فبهت الذي كفر } أي: انقطعت حجته، فتحير، وقرأ أبو رزين العقيلي، وابن السميفع، فبهت، بفتح الباء والهاء. وقرأ أبو الجوزاء، ويحيى بن يعمر، وأبو حيوة: فبهت، بفتح الباء، وضم الهاء. قال الكسائي: ومن العرب من يقول: بهت، وبهت، بكسر الهاء وضمها { والله لا يهدي القوم الظالمين } يعني: الكافرين. قال مقاتل: لا يهديهم إلى الحجة، وعنى بذلك نمروذ.