قوله تعالى: {وإِذ أخذنا ميثاق بني إِسرائيل} هذا الميثاق مأخوذ عليهم في التوراة.
قوله تعالى: {لا تعبدون} قرأ عاصم ونافع وأبو عمرو، وابن عامر: بالتاء على الخطاب لهم. وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي: بالياء على الإخبار عنهم.
قوله تعالى: {وبالوالدين إحساناً} أي: ووصيناهم بآبائهم وأمهاتهم خيراً، قال الفراء. والعرب تقول: أوصيك به خيراً وآمرك به خيراً والمعنى: آمرك أن تفعل به، ثم تحذف «أن» فيوصل الخير بالوصية والأمر. قال الشاعر:
عجبت من دهماء إذ تشكونا ومن أبي دهماء إذ يوصينا
خيراً بها كأننا جافونا
وأما الإحسان إلى الوالدين؛ فهو برهما. قال ابن عباس: لا تنفض ثوبك فيصيبهما الغبار. وقالت عائشة: ما بر والده من شدَّ النظر إليه. وقال عروة: لا تمتنع عن شيء أحبَّاه. قوله تعالى: {وذي القربى} أي: ووصيناهم بذي القربى أن يصلوا أرحامهم. وأما اليتامى؛ فجمع: يتيم. قال الأصمعي: اليتم في الناس، من قبل الأب، وفي غير الناس: من قبل الأم. قال ابن الأنباري: قال ثعلب: اليتم معناه في كلام العرب: الانفراد. فمعنى صبي يتيم: منفرد عن أبيه. وأنشدنا:
أفاطم إِني هالك فتبيَّني ولا تجزعي كلُّ النساء يتيم
قال: يروى: يتيم ويئيم. فمن روى يتيم بالتاء؛ أراد: كل النساء ضعيف منفرد. ومن روى بالياء أراد: كل النساء يموت عنهن أزواجهن. وقال: أنشدنا ابن الأعرابي:ثلاثة أحباب: فحب علاقة وحب تِملاَّق وحبُّ هو القتل
قال: فقلنا له: زدنا، فقال: البيت يتيم: أي: منفرد. وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي، قال: إذا بلغ الصبي، زال عنه اسمه اليتم. يقال منه: يتم ييتم يُتما وَيَتما. وجمع اليتيم: يتامى، وأيتام. وكل منفرد عند العرب يتيم ويتيمة. قال: وقيل: أصل اليتم: الغفلة، وبه سمي اليتيم، لأنه يتغافل عن بره. والمرأة تدعى: يتيمة مالم تزوج، فاذا تزوجت زال عنها اسم اليتم، وقيل: لا يزول عنها اسم اليتم أبداً. وقال أبو عمرو اليتم: الإبطاء، ومنه أخذ اليتيم، لأن البر يبطئ عنه. «والمساكين»: جمع مسكين، وهو اسم مأخوذ من السكون، كأن المسكين قد أسكنه الفقر. قوله تعالى: {وقولوا للناس حسناً} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ونافع، وعاصم، وابن عامر {حُسنا}: بضم الحاء والتخفيف، وقرأ حمزة والكسائي: {حَسَناً} بفتح الحاء والتثقيل. قال أبو علي: من قرأ «حُسْناً» فجائز أن يكون الحسن لغة في الحسن، كالبُخْل، والبَخَل، والرُشد والرشَد. وجاء ذلك في الصفة كما جاء في الاسم، ألا تراهم قالوا: العُرب والعرَب ويجوز أن يكون الحسن مصدراً كالكفر والشكر والشغل، وحذف المضاف معه، كأنه قال: قولوا قولاً ذا حسن. ومن قرأ {حَسَناً} جعله صفة، والتقدير عنده: قولوا للناس قولاً حسناً، فحذف الموصوف.
واختلفوا في المخاطب بهذا على قولين.
أحدهما: أنهم اليهود، قاله ابن عباس، وابن جبير، وابن جريج. ومعناه: اصدقوا وبينوا صفة النبي.
والثاني: أنهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم قال أبو العالية: قولوا للناس معروفاً، وقال محمد بن علي بن الحسين: كلموهم بما تحبون أن يقولوا لكم. وزعم قوم أن المراد بذلك مساهلة الكفار في دعائهم إِلى الإسلام. فعلى هذا؛ تكون منسوخة بآية السيف.
قوله تعالى: {ثم توليتم} أي: أعرضتم إلا قليلاً منكم. وفيهم قولان. أحدهما: أنهم أوّلوهم الذين لم يبدلوا. والثاني: أنهم الذين آمنوا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في زمانه