خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ
١٢٨
وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى
١٢٩
فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ
١٣٠
-طه

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { أَفَلَمْ يَهْدِ لهم } أي: أفلم يتبيَّن لكفار مكة إِذا نظروا آثار مَنْ أهلكْنا مِنَ الأمم؛ وكانت قريش تتَّجر وترى مساكن عاد وثمود وفيها علامات الهلاك، فذلك قوله تعالى: { يمشون في مساكنهم }. وروى زيد عن يعقوب: «أفلم نَهْدِ» بالنون.

قوله تعالى: { ولولا كلمة سبقتْ من ربِّك } في تأخير العذاب عن هؤلاء الكفار إِلى يوم القيامة، وقيل: إِلى يوم بدر، وقيل: إِلى انقضاء آجالهم { لكان لزاماً } أي: لكان العذاب لزاماً، أي: لازماً لهم. واللِّزام: مصدر وُصف به العذاب. قال الفراء وابن قتيبة: في هذه الآية تقديم وتأخير، والمعنى: ولولا كلمة وأَجَل مسمّىً لكان لزاماً.

قوله تعالى: { فاصبر على ما يقولون } أمر الله تعالى نبيَّه بالصبر على ما يسمع من أذاهم إِلى أن يحكم الله فيهم، ثم حكم فيهم بالقتل، ونسخ بآية السيف إِطلاق الصّبر.

قوله تعالى: { وسبِّح بحمد ربِّك } أي: صلِّ له بالحمد له والثناء عليه { قبل طلوع الشمس }: يريد الفجر { وقبل غروبها } يعني: العصر { ومن آناء الليل } الآناء: الساعات، وقد بيَّنَّاها في [آل عمران: 113]، { فسبِّح } أي: فصلِّ.

وفي المراد بهذه الصلاة أربعة أقوال.

أحدها: المغرب والعشاء، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال قتادة.

والثاني: جوف الليل، رواه العوفي عن ابن عباس.

والثالث: العشاء، قاله مجاهد، وابن زيد.

والرابع: أول الليل وأوسطه وآخره، قاله الحسن.

قوله تعالى: { وأطرافَ النهار } المعنى: وسبِّح أطرافَ النهار. قال الفراء: إِنما هم طَرَفان، فخرجا مخرج الجمع، كقوله تعالى: { إِن تتوبا إِلى الله فقد صَغَتْ قلوبُكما } [التحريم: 4].

وللمفسرين في المراد بهذه الصلاة ثلاثة أقوال.

أحدها: أنها الظُّهر، قاله قتادة؛ فعلى هذا، إِنما قيل لصلاة الظهر: أطراف النهار، لأن وقتها عند الزوال، فهو طَرَف النِّصف الأول وطرف النِّصف الثاني.

والثاني: أنها صلاة المغرب وصلاة الصبح، قاله ابن زيد؛ وهذا على أن الفجر في ابتداء الطَّرف الأول، والمغرب في انتهاء الطَّرف الثاني.

والثالث: أنها الفجر والظهر والعصر؛ فعلى هذا يكون الفجر من الطرف الأول، والظهر والعصر من الطرف الثاني، حكاه الفراء.

قوله تعالى: { لعلَّك ترْضَى } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، وحفص عن عاصم: «ترضى» بفتح التاء. وقرأ الكسائي، وأبو بكر عن عاصم بضمها. فمن فتح، فالمعنى: لعلَّك ترضى ثواب الله الذي يُعطيك. ومَنْ ضمَّها، ففيه وجهان.

أحدهما: لعلَّكَ ترضى بما تُعطى.

والثاني: لعلَّ الله أن يرضاك.