خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ
١٧
وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّٰهُ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَٰدِرُونَ
١٨
فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ
١٩
وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ
٢٠
-المؤمنون

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { ولقد خَلَقْنَا فوقكم سبع طرائق } يعني: السموات السبع، قال الزجاج: كل واحدة طريقة. وقال ابن قتيبة: إِنما سميت «طرائق» بالتَّطارق، لأن بعضها فوق بعض، يقال: طارقتُ الشيء: إِذا جعلتَ بعضه فوق بعض.

قوله تعالى: { وما كُنَّا عن الخَلْق غافلين } فيه ثلاثة أقوال.

أحدها: ما غفلنا عنهم إِذ بنينا فوقهم سماءً أطلعنا فيها الشمس والقمر والكواكب.

والثاني: ما كنا تاركين لهم بغير رزق، فأنزلنا المطر.

والثالث: لم نغفُل عن حفظهم من أن تسقط السماء عليهم فتهلكهم.

قوله تعالى: { وأنزلنا من السماء ماءً بِقَدَرٍ } يعلمه الله، وقال مقاتل: بقدر ما يكفيهم للمعيشة.

قوله تعالى: { وشجرةً } هي معطوفة على قوله: { جناتٍ }. وقرأ أبو مجلز، وابن يعمر، وإِبراهيم النخعي: «وشجرةٌ» بالرفع. والمراد بهذه الشجرة: شجرة الزيتون.

فإن قيل: لماذا خص هذه الشجرة من بين الشجر؟

فالجواب من أربعة أوجه.

أحدها: لكثرة انتفاعهم بها، فذكَّرهم من نِعَمِه ما يعرفون، وكذلك خص النخيل والأعناب في الآية الأولى، لأنهما كانا جُلَّ ثمار الحجاز وما والاها، وكانت النخيل لأهل المدينة، والأعناب لأهل الطائف.

والثاني: لأنهم لا يكادون يتعاهدونها بالسقي، وهي تُخرج الثمرة التي يكون منها الدُّهن.

والثالث: أنها تنبت بالماء الذي هو ضد النار، وفي ثمرتها حياة للنار ومادة لها.

والرابع: لأن أول زيتونة نبتت بذلك المكان فيما زعم مقاتل.

قوله تعالى: { طور سَيْناء } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: «طور سِيناء» مكسورة السين. وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، مفتوحة السين، وكلُّهم مدَّها. قال الفراء: العرب تقول: سَيناء، بفتح السين في جميع اللغات، إِلا بني كنانة، فإنهم يكسرون السين. قال أبو علي: ولا تنصرف هذه الكلمة، لأنها جُعلت اسماً لبقعة أو أرض، وكذلك «سينين»، ولو جُعلت اسماً للمكان أو للمنزل أو نحو ذلك من الأسماء المذكَّرة لصُرفت، لأنك كنت قد سمَّيت مذكَّراً بمذكَّر. والطُّور: الجبل.

وفي معنى «سَيْناء» خمسة أقوال.

أحدها: أنه بمعنى الحسن، رواه أبو صالح عن ابن عباس. وقال الضحاك: «الطور»: الجبل بالسريانية، و«سَيْناء»: الحسن بالنبطية. وقال عطاء: يريد: الجبل الحسن.

والثاني: أنه المبارك، رواه العوفي عن ابن عباس.

والثالث: أنه اسم حجارة بعينها، أضيف الجبل إِليها لوجودها عنده، قاله مجاهد.

والرابع: أن طور سيناء: الجبل المشجَّر، قاله ابن السائب.

والخامس: أن سيناء: اسم المكان الذي به هذا الجبل، قاله الزجاج؛ قال الواحدي: وهو أصح الأقوال؛ قال ابن زيد: وهذا هو الجبل الذي نودي منه موسى، وهو بين مصر وأيلة.

قوله تعالى: { تنبت بالدُّهن } قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: «تُنْبِت» برفع التاء وكسر الباء. وقرأ نافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: بفتح التاء وضم الباء. قال الفراء: وهما لغتان: نبتت، وأنبتت، وكذلك قال الزجاج: يقال: نبت الشجر وأنبت في معنى واحد، قال زهير:

رأيتُ ذَوِي الحاجاتِ حَوْلَ بُيُوتِهم قَطِيناً لهم حتى إِذا أَنْبَتَ البَقْلُ

قال: ومعنى «تَنْبُتُ بالدُّهْن»: تنبت ومعها دهن، كما تقول: جاءني زيد بالسيف، أي: جاءني ومعه السيف. وقال أبو عبيدة: معنى الآية: تنبت الدهنَ، والباء زائدة، كقوله: { ومن يُرِد فيه بإلحادٍ بظلم } [الحج: 25] وقد بيَّنَّا هذا المعنى هناك.

قوله تعالى: { وصِبْغٍ } وقرأ ابن مسعود، وابن يعمر، وإِبراهيم النخعي، والأعمش: «وصِبْغاً» بالنصب. وقرأ ابن السميفع: «وصِبَاغٍ» بألف مع الخفض. قال ابن قتيبة: الصِّبغ مِثْل الصِّباغ، كما يقال: دِبْغ ودِبَاغ، ولِبْس ولِبَاس. قال المفسرون: والمراد بالصِّبغ هاهنا: الزيت، لأنه يلوِّن الخبزَ إِذا غُمس فيه، والمراد أنه إِدام يُصبَغ به.