خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لاَّ تَجْعَلُواْ دُعَآءَ ٱلرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَآءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٦٣
أَلاۤ إِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمُ
٦٤
-النور

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { لا تَجْعَلوا دعاء الرسول بينكم كدعاءِ بعضكم بعضاً } فيه ثلاثة أقوال.

أحدها: أنه نهي عن التعرُّض لإِسخاط رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانه إِذا دعا على شخص فدعوتُه موجبة، قاله ابن عباس.

والثاني: أنهم أُمروا أن يقولوا: يا رسول الله، ونُهوا أن يقولوا: يا محمد، قاله سعيد بن خبير، وعلقمة، والأسود، وعكرمة، ومجاهد.

والثالث: أنه نهي لهم عن الإِبطاء إِذا أمرهم والتأخّرِ إِذا دعاهم، حكاه الماوردي. وقرأ الحسن، وأبو رجاء، وأبو المتوكل، ومعاذ القارىء: { دعاء الرسولِ نبِيِّكم } بياء مشددة ونون قبل الباء.

قوله تعالى: { قد يَعْلَمُ اللّهُ الذين يتسلَّلون } التسلل: الخروج في خفية. واللِّواذ: أن يستتر بشيء مخافة مَن يراه، والمُراد بقوله: { قد يَعْلَمُ } التهديدُ بالمجازاة. قال الفراء: كان المنافقون يشهدون الجمعة، فيذكُرهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ويعيبهم بالآيات التي أُنزلت فيهم، فإن خفي لأحدهم القيام قام، فذلك قوله: { قد يعلم الله الذين يتسلَّلون منكم لِواذاً } أي: يلوذ هذا بهذا، أي: يستتر ذا بذا. وإِنما قال: { لواذاً } لأنها مصدر «لاوَذْتُ»، ولو كان مصدراً لـ«لُذْتُ» لقلتَ: لُذْتُ لِيَاذاً، كما تقول: قُمْتُ قِيَاماً. وكذلك قال ثعلب: وقع البناء على لاوَذَ مُلاوَذةً، ولو بني على لاذ يَلُوذ، لقيل: لياذاً. وقيل: هذا كان في حفر الخندق، كان المنافقون ينصرفون عن غير أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مختفين.

قوله تعالى: { فَلْيَحْذَر الذين يخالِفون عن أمره } في هاء الكناية قولان.

أحدهما: أنها ترجع إلى الله عز وجل، قال مجاهد.

والثاني: إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال قتادة.

وفي «عن» قولان.

أحدهما: [أنها] زائدة، قاله الاخفش.

والثاني: أن معنى { يخالفون }: يُعْرِضون عن أمره.

وفي الفتنة هاهنا ثلاثة أقوال.

أحدها: الضلالة، قاله ابن عباس.

والثاني: بلاء في الدُّنيا، قاله مجاهد.

والثالث: كفر، قاله السدي، ومقاتل.

قوله تعالى: { أو يُصِيبَهُمْ عذابٌ أليم } فيه قولان.

أحدهما: القتل في الدنيا.

والثاني: عذاب جهنم في الآخرة.

قوله تعالى: { قد يَعْلَمُ ما أنتم عليه } أي: ما في أنفسكم، وما تنطوي عليه ضمائركم من الإِيمان والنفاق؛ وهذا تنبيه على الجزاء على ذلك.